«غزوت مع عليّ اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكرت عليّا فتنقّصته فرأيت وجه رسول الله يتغيّر ، فقال : يا بريدة؟
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله؟
قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه».
والجواب :
١ ـ إنّ كل ما أوردناه في الجواب الأول عن الإيراد السادس يرد هنا حذو القذّة بالقذّة ، ولا يهمنا ما أراده المستشكل من تصغير صورة الأمر فصبّها في قالب قضية شخصية ، بعد ما أثبت الإمامية حديث الغدير بطرقه المربية على التواتر ، فإنّ غاية ما هنالك تكريرهصلىاللهعليهوآلهوسلم اللفظ بصورة نوعية تارة وفي صورة شخصية أخرى ، لتفهيم بريدة أن ما حسبه جفوة من أمير المؤمنين عليهالسلام لا يسوغ له الوقيعة فيه على ما هو شأن الحكّام المفوّض إليهم أمر الرعية ، فإذا جاء الحاكم بحكم فيه الصالح العام ولم يرق ذلك لفرد من السوقة ليس له أن يتنقّصه ، فإنّ الصالح العام لا يدحضه النظر الفرديّ ، ومرتبة الولاية حاكمة على المبتغيات الشخصية ، فأرادصلىاللهعليهوآلهوسلم أن يلزم بريدة حدّه فلا يتعدّى طوره بما أثبتته لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب من الولاية العامة نظير ما ثبت له صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟.
وبتعبير آخر :
بالغض عن السبب الموجب لأن يذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فضل الإمام عليّ عليهالسلام بمقالته المشهورة: «من كنت مولاه ..» فإن ذلك كاف في بيان عظمة مولانا أمير المؤمنين عليّ وأن له ما للنبيّ طبق القذة بالقذة ، فبما أن للنبيّ ولاية عامة على الأنفس والأموال كذا هي بعينها لأمير المؤمنين عليهالسلام.
٢ ـ لم يأتنا ابن كثير بدليل يثبت مدّعاه ، بل كل ما هنالك أنه قدّم أولا روايات هذه الواقعة ، فنقل عن محمد بن إسحاق ، بسنده عن يزيد بن طلحة ، قال : لمّا أقبل عليّ من اليمن ليلقى رسول الله بمكة ، تعجّل رسول الله واستخلف على