وبالغضّ عن كل ذلك فإنّ «مؤتمر علماء بغداد» لم يحدّد تجاهر معاوية بالسبّ وإنما قال ما نصّه : «لأنه [أي معاوية] كان يسبّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إلى أربعين سنة ، وقد امتدّ سبّ الإمام إلى سبعين سنة» فأين هذا من قول صاحب الدعوى من أنّه [أي معاوية] «قد أعلن بسبّ الإمام عليّ عليهالسلام حوالى ٢٣ سنة ..» ففرق بين سبّ الإمام عليهالسلام إلى أربعين سنة وبين «الإعلان» بالسبّ الذي ادّعاه المحقق المذكور!! .. فالسبعة عشرة عاما المتبقية كانت قبل حكم معاوية ، وعليه فما قاله في «المؤتمر» ليس خطأ فادحا بل هو موافق للاعتبار عند التدقيق.
وفي الختام سواء أكان السبّ سبعين عاما أم ثمانين وأكثر فإنه لا يقدح بأصل المحاورة لا سيما وأن المحاور لا يستجمع فكره جيدا في المعلومات التاريخية المبثوثة في بطون الكتب ، وطبيعة المحاورات أن يخطئ المتحاوران في ضبط المعلومات.
تخيل أيها العزيز أن على المحاور في جلسة ما أن يحضر معه إلى جلسة التحاور مكتبة لينطق عن مدة سب الإمام بالتحديد وغيره من المواضيع فجأة دون تحضير لحساسية الخوض في تاريخ ملك فلان وفلان. أفيحتمل ذلك العقل احتواء كل المعلومات وسط محاورة ضخمة وأن يسع فكره تواريخ الزمان برمّتها وبالتحديد دون زيادة أو نقصان؟! كيف وكلّ منا معرّض للسهو والنسيان؟!
هذا مضافا إلى أنه ليس لدينا معلومات دقيقة عن فترة السب ، لكن ما لدينا أنها تراوحت ما بين الأربعين إلى ثلاث وثمانين سنة أي إلى آخر حكم بني أميّة. فالمؤرّخ الأميني رضوان الله تعالى عليه ذكر في كتابه الغدير ج ١٠ ص ٢٦٥ قال : لم يزل معاوية وعماله دائبين على ذلك ـ أي السبّ ـ حتى تمرّن عليه الصغير وهرم الشيخ الكبير ، ولعلّ في أوليات الأمر كان يوجد هناك من