غير منكر أن يكون أمير المؤمنين عليّ عليه وآله السلام أن يكون صلّى موميا وهو جالس لمّا تعذر عليه القيام إشفاقا من إزعاج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى هذا تكون فائدة ردّ الشمس ليصلّي مستوفيا لأفعال الصلاة ، وتكون أيضا فضيلة له ودلالة على عظم شأنه.
(٢) إن أمير المؤمنين عليهالسلام كان مأمورا بترك الصلاة من قيام ـ على أقل تقدير ـ لأن الذي وضع الصلاة على المكلفين ، يرفعها عنهم حيثما شاء في أوقات مخصوصة كما عند الحائض والنفساء واشتداد القتال ، فيدور الأمر حينئذ بين إزعاج النبيّ وبين ترك الصلاة من قيام ، فيترجح الثاني عقلا ونقلا حفاظا على الأول لقوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١).
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٢).
ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يا عليّ : من آذى شعرة منك فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله لعنه ملأ السماوات وملأ الأرض (٣).
هذا مضافا إلى أن النبي تنام عينه ولا ينام قلبه ، فكان الأولى ـ بحسب الإيراد ـ أن يرفع النبيّ رأسه عن فخذ الإمام عليهالسلام حتى لا يفوّت على ابن عمه الصلاة ، ولكن لمّا علم النبيّ أن هذا مرضي لله تعالى لذا لم يرفع رأسه حتى تكون فضيلة للمرتضى عليّ عليهالسلام ، وكل ذلك راجع إلى الله تعالى حيث (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٤).
__________________
(١) سورة التوبة : ٦١.
(٢) سورة الأحزاب : ٥٧.
(٣) إحقاق الحق ج ٦ / ٣٩١ نقلا عن المناقب للخوارزمي وغيره من أكابر العامة.
(٤) سورة الأنبياء : ٢٣.