على الأولاد بحساب حقهم ثلث النفقة ، وينفق الاخوة والأخوات من الأب بحساب حقهم ثلثي النفقة ، فإذا بلغ الأولاد ، وأسلموا ، سلّم الاخوة إليهم ما بقي من الميراث ، وان اختاروا الكفر ، تصرّفوا في باقي التركة ، ولم يعطوا الأولاد منها شيئا. وان كان أحد أبوي الأولاد الصغار مسلما ، وخلف اخوة وأخوات من قبل أب أو من قبل أم ، كان الميراث للأولاد الصّغار ، فإذا بلغوا أجبروا على الإسلام ، وقهروا عليهم ، فإن أبوا كانوا بحكم المرتدين الأصليين ، وجرى عليهم ما يجرى عليهم سواء ، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (١).
والذي يقتضيه أصل مذهبنا ان في المسألة الاولى ، يكون الميراث بين الاخوة من الأب والاخوة من الام ، للذين من قبل الأب الثلثان ، وللذين من قبل الام الثلث ، يتصرفون فيه تصرف المالكين في أملاكهم ، لأنه لا وارث مسلم لهذا الميّت الكافر ، سواهم ، لأنهم استحقوا الميراث ، دون من عداهم من سائر الناس ، لانه لا وارث له مسلم سواهم ، ولو لم يكن كذلك ، ما جاز لهم قسمة الميراث بينهم ثلثين وثلثا ، ولا سوغ لهم الشارع ذلك.
فعلى هذا التحرير والتقرير ، إذا بلغ الأولاد واختاروا الإسلام ، لا يجب على الاخوة ردّ شيء من الميراث إليهم بحال ، ولا يجب لهم النفقة أيضا قبل البلوغ ، ولا يلزم الاخوة ذلك بحال على الأصل الذي أصلناه وقررناه ، لأن الأولاد حكمهم حكم آبائهم فيما يجري عليهم من الاحكام الشرعيات ، لأنهم لا يدفنون في مقابر المسلمين لو ماتوا قبل البلوغ ، ولا إذا قتلهم قاتل من المسلمين يقاد بهم ، ولا ديتهم ديات المسلمين ، بل حكمهم في جميع ذلك احكام الكفار.
كما ان في المسألة الثانية لا يرثه الإخوة المذكورة بل ورثه أولاده الأطفال دون إخوته ، لأنهم بحكم أبيهم المسلم ، فلأجل ذلك إذا بلغوا ولم يختاروا الإسلام ، كان حكمهم حكم المرتدين عن فطرة الإسلام ، والأولاد في المسألة الاولى لا يقهرون على الإسلام ، ولا إذا اختاروا الكفر كان حكمهم حكم المرتدّين عن فطرة الإسلام ،
__________________
(١) النهاية ، كتاب الميراث باب توارث أهل الملتين.