خالف الشيعة أن أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهود حسبما نقل الرجالي المرموق العلّامة الممقاني نقلا عن محمد بن قولويه القمي (١).
ثانيا :
ما جاء به الطبري وأتباعه ، من أن الرجل المذكور أغرى كبار الصحابة ما هو إلا أسطورة اختلقها أعداء الشيعة بغضا بهم ، إذ كيف يصدّق المرء أن يهوديا جاء من صنعاء استطاع أن يغري كبار الصحابة والتابعين ، ويحرّضهم على الخروج ضد أمرائهم في تلك الفترة القاسية ، وهل أغراهم بالمال والسلطة أم بشيء آخر؟ مع أنّ المذكورين من أهل التقوى والورع واليقين ، عرضت عليهم الدنيا بزخارفها منذ عهد النبي إلى خلافة عثمان فرفضوها ، هل يمكن إذن أن يغري هكذا رجل جماعة بهذا المستوى الإيماني؟ وهل كانوا سذّجا حتى يمكن أن يستميلهم عبد الله بن سبأ؟ ولو سلّمنا أنه حرّضهم على الخروج ضد أمرائهم ـ وفرض المحال غير محال ـ فما الضير في ذلك ما دام حكّام تلك الفترة لم يحكموا بمبادىء الإسلام ، لا سيما عثمان بن عفّان الذي تمادى كثيرا في ظلم شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام حيث نفى أبا ذر الغفاري إلى الربذة تلك المنطقة الصحراوية الجرداء حتى مات فيها وحيدا غريبا ، وضرب عمّار بن ياسر الصحابي الجليل حتى حصل له فتق في بطنه ، وضرب أيضا عبد الله بن مسعود سيد القراء ، إلى غير ذلك من أفعال نكراء صدرت منه ، حرّكت ضمائر أشراف المسلمين ، فنهضوا لقتاله ، والمرء يستغرب كيف يترك ابن سبأ المحرّض ضد السياسة العثمانية ، في حين كان الذين حرّضهم ابن سبأ قد وقعوا فريسة أنياب عثمان ، فشرّد من شرّد ، وقتل من قتل؟!
ولا يبعد القول : أن السبئية فكرة خيالية ، نسجتها أياد خبيثة طعنا بالشيعة واتهامهم بالرفض اليهودي ، ويؤكد هذا ما ذكره بعض كبار العامة كعبد ربه المالكي : قال : «بأنّ الرافضة ـ يعني الشيعة ـ يهود هذه الأمّة» (٢).
__________________
(١) لاحظ تنقيح المقال للممقاني ج ٢ / ١٨٤ ، ط / حجري.
(٢) الغدير في الكتاب والسنّة / الأميني ج ٣ / ٧٨ نقلا عن العقد الفريد.