قسّم الأمة الإسلامية إلى فرق وجماعات ؛ حيث كانت بدايته بعد رحيل النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة عند ما اجتمع الأنصار والمهاجرون في سقيفة بني ساعدة الأنصاري ، فاختلفوا في تعيين الخليفة ، فقال قوم : منّا أمير ومنكم أمير. وكأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بنظر المجتمعين لم يوص بأنّ الخليفة من بعده الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، فكلّ تلكم الآيات الرّبّانية ، والنصوص المحمّدية التي طرقت مسامعهم ، صارت في طيّ النّسيان ، وفي خبر كان ؛ كأنهم خشب مسنّدة يحسبون كلّ صيحة عليهم ، فلا يفقهون ولا يطيعون ، ولا لأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم يتّبعون.
وانجرّت الويلات على بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واضطهد آله فردا فردا ابتداءً بعلي أمير المؤمنين والزهراء الصدّيقة عليهماالسلام ثم تدرّجا بالشهيدين الحسن والحسين عليهماالسلام ، انتهاء باختفاء الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
فالخلاف على الإمامة ليس خلافا هامشيا كما يصوّره البعض ، بل هو خلاف يدخل في عمق الإسلام.
لذا كان حصيلة هذا الخلاف ـ الذي منشأه سلب الخلافة من أصحابها الشّرعيين ـ هدر الدّماء كما فعل أبو بكر بمالك بن نويرة لأنه رفض إعطاء الزكاة لغير الإمام الحقّ ، فسلّط عليه خالد بن الوليد الذي به افتروا على الله تعالى وسمّوه سيف الله المسلول فاعتدى على زوجة مالك بزناه بها كما زنى زميله ضرار بإحدى النساء الجميلات عند ما قتل أهلها.
ولعظم الخلاف قال الشهرستاني : «وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سلّ على الإمامة في كلّ زمان» (١).
ونحن نسأل :
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ، ج ١ ص ٢٤.