فيبقى إماما فيها وكذا في غيرها إذ لا قائل بالفصل (١).
وقال الثاني : ووجه ما تقرر من أن الأمر بتقديمه للصلاة كما ذكر فيه الإشارة أو التصريح بأحقيته للخلافة ، وأن القصد الذاتي من نصب الإمام العام ، إقامة شرائع الدين على الوجه المأمور من أداء الواجبات وترك المحرمات وإحياء السنن وإماتة البدع ، وأما الأمور الدنيوية وتدبيرها كاستيفاء الأموال من وجوهها وإيصالها إلى مستحقيها ودفع الظلم ونحو ذلك ليس مقصودا بالذات بل ليتفرغ الناس لأمور دينهم ، إذ لا يتم تفرغهم إلا إذا انتظمت أمور معاشهم بنحو الأمر على الأنفس والأموال ووصول كل ذي حق إلى حقه ، فلذلك رضي النبيّ لأمر الدين وهو الإمامة العظمى أبا بكر بتقديمه للإمامة في الصلاة ومن ثم أجمعوا على ذلك ..» (٢).
يورد عليهما :
١ ـ دعوى أنّ النبي استخلف أبا بكر في الصلاة بحاجة إلى برهان وبيان وما نسبوه (٣) إلى النبي من أنه أمر عائشة بأن تأمر أباها أبا بكر مردود من أصله لكثرة الاضطراب والاختلاق في دلالته ، وذلك شاهد بفساده.
فروى أبو وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : صلّى رسول الله في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدا (٤).
وروى إبراهيم ، عن الأسود عن عائشة في حديث : أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى عن يسار أبي بكر قاعدا ، وكان أبو بكر يصلّي بالناس قائما (٥).
__________________
(١) هامش إحقاق الحق ج ٢ / ٣٦٠ نقلا عن شرح المواقف.
(٢) الصواعق المحرقة ص ٢٣ ـ ٢٤.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ / ٣٠١ ، ط / الحلبي ـ مصر ١٣٥٥ ه / ١٩٣١ م.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ / ٣٠٢ ، وتاريخ الطبري ج ٢ / ٤٤٠ ، ط / الأعلمي مصححة على نسخة ليدن ١٨٧٩ م والسيرة الحلبية ج ٣ / ٤٦٤ ، ط / دار المعرفة ١٤٠٠ ه.
(٥) السيرة الحلبية ج ٣ / ٤٦٤ ، وصحيح البخاري ج ١ / ٢١٧ ح ٧١٣ ، ط / دار الكتب.