وعن وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : قالت : صلّى رسول الله في مرضه عن يمين أبي بكر جالسا وصلّى أبو بكر قائما بالناس (١).
وفي حديث عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : صلّى رسول الله بحذاء أبي بكر جالسا ، وكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر (٢).
ووجه الاضطراب واضح في هذه المرويات ، وجميعها مروي عن عائشة ، فتارة تقول : كان رسول الله إماما بأبي بكر ، وتارة تقول : كان أبو بكر إماما ، وأخرى تقول : صلّى عن يمين أبي بكر ، ورابعا تقول : صلّى عن يساره ، وخامسا تقول : صلّى بحذائه ، وهذه أمور متناقضة تدل بظاهرها على الاضطراب والاختلاق مما يستوجب بطلان الحديث المزعوم ، والشهادة عليه بأنه من الموضوعات.
٢ ـ كيف يصلّي النبيّ جالسا ، والمأمومون قياما في حين أنّ عليهم الصلاة من جلوس اقتداء بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا مضافا إلى مناقضة هذا الحديث لما أمر به النبيّ ـ حسبما روى القوم في الصحاح ـ عن عروة بن الزبير عن عائشة (٣) قالت : صلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته وهو شاك ، فصلّى جالسا ، وصلّى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا ، فلما انصرف قال : «إنما جعل الإمام ليؤتمّ به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا».
وورد عن أنس بن مالك قال : «سقط النبيّ عن فرس فشجّ شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده ، فحضرت الصلاة فصلّى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا ، فلما قضى الصلاة قال : إنما جعل الإمام ليؤتمّ به ، فإذا كبّر فكبروا ، وإذا سجد فاسجدوا ... وإذا صلّى قاعدا فصلّوا قعودا أجمعون» (٤).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ / ٤٦٧ ، وسيرة ابن هشام ج ٤ / ٣٠٢ وتاريخ الطبري ج ٢ / ٤٣٩.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ / ٤٦٤.
(٣) صحيح البخاري ج ٢ / ٣٣٧ حديث رقم ١١١٣ ، ط / دار الكتب العلمية.
(٤) صحيح مسلم ج ٤ / ١١٢ والنووي بهامش صحيح مسلم ، والبخاري ج ١ / ٢٢١ ح ٧٣٢.