وفي رواية أخرى عن عائشة قالت : صلّى جالسا فصلوا بصلاته قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا (١).
وروى مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال : اشتكى رسول الله فصلينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره ، فالتفت إلينا فرآنا قياما ، فأشار إلينا فقعدنا ، فصلينا بصلاته قعودا ، فلمّا سلّم قال : إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم ، يقومون على ملوكهم وهم قعود ، فلا تفعلوا ، ائتموا بأئمتكم ، إن صلّى قائما فصلوا قائما ، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا (٢).
فهذه الأحاديث تبطل حديث صلاة أبي بكر ، وتدلّ على اختلافه ، لأنه يتضمن مناقضة ما أمر به ـ كما في هذه المرويات ـ مما يستلزم القول بأن أبا بكر أقدم على الصلاة من دون أمر النبيّ ومشورته.
٣ ـ إن حديث صلاة أبي بكر ـ الذي تفردت بنقله عائشة ـ يتعارض بما روي عن ابن عبّاس قال :
قال رسول الله ابعثوا إلى عليّ عليهالسلام فادعوه ، فقالت عائشة : لو بعثت إلى أبي بكر ، وقالت حفصة : لو بعثت إلى عمر ، فاجتمعوا عنده جميعا فقال رسول الله انصرفوا فإن تك لي حاجة أبعث إليكم فانصرفوا ، وقال رسول الله آن الصلاة؟ قيل : نعم ، قال : فأمروا أبا بكر ليصلّي بالناس ، فقالت عائشة إنه رجل رقيق ، فمر عمر ، فقال : مروا عمر فقال عمر : ما كنت لأتقدّم وأبو بكر شاهد ، فتقدّم أبو بكر ووجد رسول الله خفة فخرج فلما سمع أبو بكر حركته تأخر فجذب رسول الله ثوبه فأقامه مكانه وقعد رسول الله فقرأ من حيث انتهى أبو بكر (٣).
والملاحظ في هذا الحديث أن النبيّ وقع في تهافت ـ وحاشاه أن يقع ـ إذ
__________________
(١) شرح النووي بهامش صحيح مسلم ج ٤ / ١١٢ ، ط / دار الكتب الإسلامية ١٤١٥ ه.
(٢) صحيح مسلم ج ٤ / ١١٢ ح ٤١٣.
(٣) تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٣٩.