وعلى كلا التقديرين فإن الأمر بالصلاة لم يكن مباشرة من النبيّ وإنما بواسطة ، والواسطة يحتمل بحقها الكذب ، ومن احتمل بحقه الكذب لم يبق في هذا الأمر حجة.
ثالثا : لم ير عبد الله بن زمعة في الصحابة من هو أفضل من عمر ، فأين نص الغدير الذي كان حجة على ابن زمعة ومن شاكله من القوم ، لكنّ حب الدنيا حجب نور الحق عن قلبه ، مما يعطينا انطباعا خاصا عن نفاق بعض الصحابة وعدم تورعهم عن الكذب على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم.
٦ ـ لو كان خبر تقديم أبي بكر في الصلاة صحيحا ـ كما زعموا ـ وكان مع صحته دالا على إمامته لكان ذلك نصا من النبيّ بالإمامة ، ومتى حصل النص لا يحتاج معه غيره ، فكيف لم يجعل أبو بكر ونظيره عمر ذلك دليلا على إمامة أبي بكر؟! وكيف لم يحتجوا به على الأنصار؟! وكيف بنوا الخلافة على المبايعة التي حصل فيها الاختلاف والاحتياج إلى إشهار السيوف ، وعدلوا عن الاحتجاج بالنص المذكور؟ مع وضوح أن العاقل لا يختار الأعثر الأصعب مع وجود الأسهل إلّا لعجزه عنه ، فعلم أن ذلك ليس فيه حجة أصلا.
٧ ـ ومما يشهد أن الأمر بالصلاة لم يكن عن رأي رسول الله وإذنه وأمره أن حديث صلاة أبي بكر جاء من غير طريق عائشة أنها قالت : جاء بلال فأذّن بالصلاة ورسول الله مغمى عليه ، فانتظرنا إفاقته وكاد الوقت يفوت ، فأرسلنا إلى أبي بكر يصلّي بالناس (١).
وهذا تصريح منها بأن صلاته كانت عن أمرها ورأيها ، دون أمر رسول الله وإذنه ورأيه.
ويؤيد ذلك ويكشف عن صحته ، الإجماع على أن رسول الله خرج مبادرا معجّلا بين يدي رجلين من أهل بيته أحدهما أمير المؤمنين عليّ بن أبي
__________________
(١) كنز العمال ج ٥ / ٦٣٤ ح ٤١١٦ عن اللالكائي في السنّة.