إن الإجماع غير محقق بعدم بيعة مولى الثّقلين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأصحابه حتى بعد ستة أشهر ، بل إن سعد بن عبّادة وأولاده لم يبايعوا قطعا ، لذا قتله (١) ابن الخطّاب وأشاع بين الناس أن الجنّ قتله ، فيكون خروج المعارضين خرقا للإجماع المدّعى.
وبهذا يتبيّن عدم صحة خلافة أبي بكر ، وما اعتمده العامة على خلافة أبي بكر لا يصلح للدليلية ، فهو كناقل الشوكة بالشوكة ، وكنافخ في غير ضرام.
والأنكى من ذلك أن ابن حجر الهيثمي المكي (٨٩٩ ـ ٩٧٤ ه) ادّعى (٢) : «أن النبيّ نص على أبي بكر ظاهرا» ، ولكنّه لم يظهر لنا نصا واحدا على مدعاه ، مع دعواه أيضا : «أن النبيّ لو أوصى إلى غير أبي بكر ـ يقصد الإمام عليّا ـ لوجب على الأمة مبايعته ، ولبالغ رسول الله في تبليغ ذلك الواجب إليهم بأن ينص عليه نصا جليا ينقل مشتهرا حتى يبلغ الأمة فألزمهم ، ولمّا لم ينقل كذلك مع توفر الدواعي على نقله ، دل على ذلك على أنه لا نص» (٣).
ليت شعري كيف أنه قلب الحقائق وأنكر الحق والموازين ، وهو نفسه عقد فصلا خاصا بخلافة الإمام عليّ عليهالسلام وزيّنه بذكر فضائله ومآثره وكراماته ، أو ليست الكرامات والفضائل والمآثر دليلا على أحقيته وعلو شأنه؟! أم أن الفضيلة شيء والخلافة شيء آخر كما ادعوا؟! وهل رضي الله أن يكون الخليفة جاهلا فاسقا؟! كلا وألف كلا.
وها هي كتبهم ومصادرهم تعج بمناقب الإمام عليّ عليهالسلام وبما ورد عن الرسول الكريم محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم في حق الإمام ، وأن هذا العبد المطيع لله ولرسوله قد قال عنه النبيّ يوم خيبر :
__________________
(١) لاحظ تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٥٩.
(٢) الصواعق المحرقة ص ٢٦ الفصل الرابع في بيان هل نص النبي على خلافة أبي بكر؟.
(٣) نفس المصدر ص ٢٨.