يشكّلون خطرا عظيما على الخلافة إضافة إلى تربّص المشركين حول جزيرة العرب في محاولة للانقضاض على الأسس والقواعد التي جاء بها الإسلام.
بعد كل هذا فإنّ المصلحة تقتضي وتوجب توحيد صفوف المسلمين لمواجهة الخطر الداخليّ المتثمل بالمنافقين وبالخطر الخارجيّ المتمثل بالامبراطوريّتين العظيمين.
وتوحيد الصفوف لا يكون إلا بتعيين قائد يتحلّى بالصفات والكمالات العلميّة والنفسيّة والروحيّة التي كان يحملها النبيّ لأن وظيفته تماما كوظيفة النبيّ من التبليغ والتوضيح وحماية الأسس العقيدية من التحريف والتزييف والاندثار.
وهذا لا يتوفّر عند كلّ الأفراد وإلّا لصاروا كلّهم أئمة وخلفاء ، بل هذا أمر لا يتيسّر إلا لمن وفّقه الله تعالى لمرضاته بعد أن اصطفاه بعلمه ، وانتجبه لدينه ، وهذا أوحديّ دهره وفريد عصره.
والمعطيات التاريخية والاجتماعية توحي بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان من الواجب عليه أن يدفع ظهور أيّ خلاف وانشقاق ربّما يحصل في الأمة من بعده ، خاصّة وأن الخطر الثلاثيّ يهدّد الأمّة آنذاك ، إضافة إلى أن بعض القوم كانوا ينظرون إلى الإمام عليّ عليهالسلام والحلف الهاشمي نظرة الحقد والعداوة لما يتحلّى به هذا البيت العريق من أخلاق عالية ، ورزانة فكر ، وصفاء خاطر ، وطهارة ذات.
هذا عدا عن أنّ القوم كانت تطمح نفوسهم للوصول إلى تسنّم عرش الخلافة لما فيها من تحقيق لمشتهياتهم وتحطيم لفكرة «أنّ النبوة والخلافة لا يجتمعان إلّا في البيت الهاشمي».
ولو تفحّصنا المجالات التي كانت للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لوجدنا أنّه كان من الواجب قبل رحيله أن ينصّب من ينوب عنه لملأ هذه الفراغات ، وإلا يقبح منه ترك ذلك والأمّة تتخبّط في حيص بيص.