فبما أنّ مهمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أوسع من مهمة إبلاغ الوحي التشريعيّ للناس ، هناك مهامّ ثلاث كانت منوطة بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هي :
الأولى : تفسير الكتاب وشرح مقاصده.
الثانية : تبيين أحكام الحوادث الجديدة الطارئة على المجتمع من طريق الكتاب والسّنة.
الثالثة : صيانة الدين من الدسّ والتحريف.
هذه «مقامات» أو مهامّ ثلاث كانت من وظائف النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمقامان الأوّلان تشريعيّان ، أما الثالث فمقام تنفيذيّ أو إجرائي.
ولا شك أنّ موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيشكّل فراغا في هذه المجالات فاقتضت الحكمة الإلهية تنصيب أو إعداد من له القابليّة الروحية والعلميّة التامة لسدّ تلك الفراغات ، وهذا لا يقوم به إلّا من كان بمثابة النبيّ بالفضائل والكمالات ، وله ما للنبي عند الله تعالى عدا الوحي التشريعيّ.
وهذا الشخص المعدّ للخلافة ليستوعب المقامات الثلاثة لا يمكن له أن يستوعبها عن طريق الإعداد الشخصيّ ولا بالتربية البشريّة المتعارفة ، بل لا بدّ من إعداد إلهي خاصّ يؤهّله لأن يملأ الفراغ في المقامات الثلاثة ، ومثل هذا الشخص لا يمكن للأمّة أن تتعرّف عليه بنفسها لأنها عاجزة عن كشف ما يصلحها عمّا يفسدها ، فكيف بها إذا أرادت الكشف عن غيرها؟!!.
وقد ادّعى علماء العامّة على لسان الكاتب المصري الخضري : [إنه لم يرد في الكتاب أمر صريح بشأن انتخاب خليفة لرسول الله ، اللهم تلك الأوامر العامة التي تتناول الخلافة وغيرها مثل وصف المسلمين بقوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) (١).
__________________
(١) سورة الشورى ، الآية : ٣٨.