وكذلك لم يرد في السنّة بيان نظام لانتخاب الخليفة إلّا بعض نصائح تبعد عن الاختلاف والتفرّق ، كأنّ الشريعة أرادت أن توكل هذا الأمر للمسلمين حتى يحلّوه بأنفسهم ولو لم يكن الأمر كذلك لمهّدت قواعده وأوضحت سبله كما أوضحت سبل الصّلاة والصيام] (١).
يرد عليه :
أولا : إنّ ما ذكره الخضري بشأن عدم ورود نصّ صريح بخصوص انتخاب الخليفة صحيح لا غبار عليه حيث لم يرد عنه عليهالسلام أنه أمر بانتخاب الخليفة لأنّ الخلافة ليست ترشيحية من قبل الناس ، بل هي تعيينية من قبله تعالى ، وقد فعل ، حيث أمر في محكم آياته بوجوب إطاعة أولي الأمر حيث فرّع إطاعتهم على إطاعته ممّا يدلّ على أنهم أناس مطهّرون يستحقون أن يكونوا القدوة والمثال للسير إليه تعالى.
هذا مضافا إلى آية الولاية وآية التطهير وآية المباهلة وغيرها ، بحيث يستفاد من مجموعها : وجوب اتّباع من نزلت بشأنهم. كما أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أكّد طوال حياته على الوصيّ والخليفة من بعده وأنه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وأولاده المطهّرون عليهمالسلام.
ثانيا : إنّ الحكومة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أعظم الأمور فلا يعقل لنبيّ حكيم أن يوكل تعيين هذا الأمر المهمّ بكل خصوصياته وتفصيلاته إلى آية الشورى.
ثالثا : لا يتصوّر العقلاء أن يهمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قيادة الأمة الإسلامية التي ثبّت دعائمها وأسسها طوال حياته ثم يرتحل تاركا إيّاها بلا راع في حين أنّ
__________________
(١) محاضرات في تاريخ الأمم ج ٢ ص ١٦١.