ذلك ابتدئ برسول الله مرضه» (١).
ثم قال : «وأمر بإنفاذ جيش أسامة وقال : لعن الله الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»(٢).
وقال الطبري :
«كان النبيّ قد ضرب بعث أسامة فلم يستتب لوجع رسول الله ولخلع مسليمة والأسود وقد أكثر المنافقون في تأمير أسامة حتى بلغه ، فخرج النبيّ على الناس عاصبا رأسه من الصداع .... إلى أن قال : قد بلغني أن أقواما يقولون في إمارة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لخليقا للإمارة وإنه لخليق لها فانفذوا بعث أسامة ، لعن الله الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، فخرج أسامة فضرب بالجرف» (٣).
فخطاب رسول الله إلى القوم المنافقين من أصحابه الذين لم يمتثلوا أمره بإحضار الدواة والكتف ليكتب لهم كتابا بولاية أمير المؤمنين ، فطعنوا بكلامه ونسبوه إلى الهجر ، هو نفسه خطاب للذين تخلّفوا عن جيش أسامة.
لقد لعن رسول الله بعض أصحابه المنافقين ، لكنّ يد الدس حرّفت الحقيقة ، فبدلا من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لعن الله من تخلّف عن جيش أسامة» وضعوا مكانها ـ في أكثر مصادرهم ـ تلك العبارة الممسوخة «لعن الله الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
ووقوع العبارة الممسوخة بعد الأمر بإنفاذ جيش أسامة خلاف سياق حديث رسول الله وتوبيخه لمن طعن في إمارة أسامة وأبيه زيد ، فالذيل شيء والصدر شيء آخر ، الشيء الذي يستتبع الجزم بوقوع التحريف في مقاله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكنّ مشيئة الله
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٣١٧ أحداث سنة ١١ ه.
(٢) نفس المصدر ص ٣١٨.
(٣) تاريخ الطبري ج ٢ / ٤٣١ حوادث سنة ١١ ه.