أيعقل أن يترك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر القيادة ولا يتكلّم عنها بنفي أو إثبات؟!
رابعا : إنّ مسألة آية الشورى (كما ادّعى الخضري أنها من القواعد العامّة التي تتناول الخلافة) كما في قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران : ١٥٩](وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى : ٣٨].
لا علاقة لهما بالخلافة أو الإمامة ، وإنما تنصّان على جواز مشاورة المؤمنين لبعضهم البعض في الأمور المتعلقة بهم لا الأمور التي أمرها بيده تعالى كالخلافة أو الإمامة فآية (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) تحثّ المؤمنين إلى المشورة فيما بينهم في جميع الأمور المرتبطة بهم ، فمبدأ الشورى في الشئون العامة للمسلمين يعدّ من أهم المبادي السياسية في الإسلام والتي تراعي جانب انتخاب الكفاءات العلميّة ، وعدم تسلّط الزعيم أو الحاكم برأيه فتهلك الرّعية. فالآية تعطي القواعد والأسس في كيفيّة تعاطي الناس مع الحكم والأمور العامة المتعلقة بهم ، وليس لها أيّ ارتباط في تعيين أمر الخلافة والولاية ، لأنّ أمرها ليس من الأمور المرتبطة بهم حتى يمكن ادّعاء أنّ الحاكم ينتخبه الناس طبقا لمدلول الآية كما يقول العامّة ، لأن الولاية ليست أمرة شعبية وعرفية وحكومية كبقية الحكومات السياسية حتى تكون من الأمور المتعلّقة بالمؤمنين ، هذا مضافا إلى أنه لو كان أساس الحكم في الإسلام هو الشورى لوجب على الرسول الأعظم بيان تفاصيلها وخصوصياتها ، مع أنّ ذلك لم يحصل ، ممّا يدلّ على أنّ
__________________
ـ وينفي ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلّه في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم ، وحيرتهم ويقيم لك إماما لجوارحك ، تردّ إليه حيرتك وشكّك.
قال : فسكت ولم يقل لي شيئا ، قال : ثم التفت إليّ فقال لي : أنت هشام؟ قال : قلت : لا ، فقال لي : أجالسته؟ فقلت : لا ، قال : فمن أين أنت؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : فأنت إذا هو ، ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبو عبد الله عليهالسلام ثم قال :
يا هشام! من علّمك هذا؟ قلت : يا ابن رسول الله جرى على لساني ، قال : يا هشام! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى. راجع : الاحتجاج ج ٢ / ١٢٦ ـ ١٢٨.