الثلاثة ، ولهذا طالبت بفدك عن طريق النحلة أولا ، ثم عن طريق الإرث ثانيا ، وقد صرّح بذلك أعلام القوم أمثال :
١ ـ الحلبي في سيرته قال :
إنّ فاطمة أتت أبا بكر بعد وفاة رسول الله وقالت : إنّ فدكا نحلة أبي ، أعطانيها حال حياته ، وأنكر عليها أبو بكر وقال : أريد بذلك شهودا فشهد لها الإمام عليّ (١) ، فطلب شاهدا آخر فشهدت لها أم أيمن ، فقال لها : أبرجل وامرأة تستحقينها؟ (٢).
٢ ـ وروى البخاري عن عروة بن الزّبير قال : إن عائشة أخبرته : أنّ فاطمة عليهاالسلام ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله أن يقسّم لها ميراثها ، مما ترك رسول الله مما أفاء الله عليه. فقال لها أبو بكر : إن رسول الله قال : لا نورّث ما تركناه صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت ، وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر.
قالت : وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلا عملت به .. فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى عليّ وعبّاس ، فأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال : هما صدقة رسول الله كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهما إلى ولي الأمر ، قال : فهما على ذلك إلى اليوم (٣).
ملاحظة : أما قول عمر «وأمرهما إلى ولي الأمر» فيه دلالة واضحة إلى أن اغتصابهما لقرى خيبر وفدك إنما كان لتدعيم سلطانهما ولم يكن من أجل توزيع
__________________
(١) انظر أخي القارئ إلى الحقد والعصبية التي كان يبيّتها القوم لعترة النبيّ ، فشهادة الإمام عليّ لا تقبل وقد قال عنه النبيّ «اللهم أدر الحق معه حيثما دار» وتقبل شهادة جابر وحذيفة وعائشة التي ورثت سهمها من حجرة النبي وسهم بقية نسوة النبيّ فدفنت أباها بجنب النبيّ وكذا عمر؟!
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ / ٣٩.
(٣) صحيح البخاري ج ٣ / ٣٧٢ ح ٣٠٩٣ وكذا رقم ٣٠٩٢ ، وصحيح مسلم ج ١٢ / ٦٩ ح ٥٣.