عود على بدء :
إذن ، حاشا للنبيّ الحكيم أن يرتحل من الدنيا وهو بعد لم يعيّن خليفة على أمّته من بعده ، بل له صلىاللهعليهوآلهوسلم أسوة بمن تقدّمه من الأنبياء حيث لم يعهد لنبيّ قط ارتحاله من الدنيا إلّا استخلف في قومه من ينوب عنه في تكميل الرسالة المنوطة به ، عدا عن أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم تتح له الفرص لتبيين كلّ الأحكام الإسلامية فلا بدّ من مكمّل لمهام النبي في تبيين وتفسير ما لم يتسنّ للنبي تبيينه وتفسيره لانعدام المبرّرات الموضوعية لذلك ، إضافة إلى أنّ الإسلام دين ناسخ لكلّ الأديان ، فلا بدّ أن يكون شموليا يعطي لكلّ حادثة متجدّدة حلّا لها ، وهذا لا يمكن حصره في فترة زمنية قصيرة ، فيتعيّن إيجاد أشخاص وأفراد كاملين بمنزلة النبيّ يبيّنون ما خفي على الناس من معرفة دينهم ، ويشرحون لهم ما عجزوا عن حلّه ، وهذا ما يتكفّله المعصوم الذي ينوب عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لذا تقول الشيعة : إن مهمّة الإمام أو الخليفة هي مهمة النبيّ لا فرق بينهما سوى النبوّة».
وهل يعقل في حكمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الرجل الكامل أن يرتحل من الدنيا وهو على علم أنّ كثيرا من الأحكام لم يحن الظرف الزمانيّ والمكانيّ لتبيينها ولا يستخلف عنه من يقوم بذلك ، أرأيتم لو أنّ رجلا من ذوي العقل والحجى منقطع النظير في عقله وشرفه ونبله يتكفّل بتربية أولاد صغار وكبار ويحافظ عليهم ، وأشرف على الرحيل من هذه الدار إلى دار القرار ، وهم بعد لم يبلغوا رشدهم الكامل ولا يزالون في أشدّ الحاجة إلى من يقوم بشئونهم وينهض بأعباء تربيتهم وحلّ مشكلاتهم ورفع خصوصياتهم ، فلو تركهم ولم ينصّب قيّما عليهم يحسن التربية ويحلّ المشكلة ويدفع المعضلة والخصومة ، ولا نصّ على وليّ فيهم ، أفلا يكون ذلك نقصا في مروءته وإخلالا برسالته وتفريطا في أمانته؟!.
مع أنّ شريعة الإسلام ما تركت شيئا إلا وجعلت له حقّه ولا عملا إلّا