الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله ، إن جعل لها فدكا قد قبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكا ، وزعمت أنه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله «البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه» فرددت قول رسول الله «البيّنة على من ادعى ، واليمين على من ادعى عليه».
قال : فدمدم الناس وأنكروا ، ونظر بعضهم إلى بعض ، وقالوا : صدق ـ والله ـ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ورجع إلى منزله.
قال : ثم دخلت فاطمة المسجد ، وطافت بقبر أبيها ، وهي تقول :
قد كان بعدك أنباء وهنبثة (١) |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب |
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا |
|
فغاب عنّا فكل الخير محتجب |
وكنت بدرا ونورا يستضاء به |
|
عليك ينزل من ذي العزّة الكتب |
تجهمتنا رجال واستخفّ بنا |
|
إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصب |
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت |
|
منّا العيون بتهمال لها سكب |
قال : فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلها ، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ، ثم قال له : أما رأيت مجلس عليّ منّا في هذا اليوم؟ والله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدنّ علينا أمرنا ، فما الرأي؟ فقال عمر : الرأي أن تأمر بقتله ، قال : فمن يقتله ، قال : خالد بن الوليد.
فبعثوا إلى خالد ، فأتاهما ، فقالا : نريد أن نحملك على أمر عظيم ، قال : احملاني على ما شئتما ، ولو على قتل عليّ بن أبي طالب!!
قالا : فهو ذلك ، قال خالد : متى أقتله؟
__________________
(١) في نسخة شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٦ / ٣٤٦ يوجد «وهينمة» أي الصوت الخفي. و «هنبثة» هو الأمر العظيم.