بعضهم كداود وسليمان وزكريا ، هذا مضافا إلى أن الوراثة تكون حتى بالأشياء الحقيرة الثمن كالعمامة والثوب والعصا والخاتم وما شبههم ، فلا مجال للقول إن هذه الأشياء يرثها من الآباء ، الأنبياء الأجانب عنهم دون الأولاد.
ثانيا : لقد اعترف بعض علماء العامة (١) أن أبا بكر اغتصب من الصدّيقة الطاهرة أرض فدك ، ومنعها من حقها من الخمس وسهمها من خيبر ، مع وجود إجماع على أن فدكا لم يوجف عليها بخيل أو ركاب ، فهي ملك خاص لرسول الله ، وقد نص على ذلك علماؤهم لا سيّما الطبري (٢) منهم ، فإذا كانت ملكا خاصا لرسول الله ـ وقد كانت كذلك ـ فكيف جاز لأبي بكر شرعا وعقلا وعرفا أن يجعلها من صدقات النبيّ؟!
ثالثا : إنّ الخبر المزعوم «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث» خبر واحد ، لم يعرف أحد من الصحابة موافقة أبي بكر على نقله ، وقد تفرّد أبو بكر بنقله ، وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل (٣) ـ حسبما جاء عن عمر بن الخطاب ردّا على الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام عند ما جاءتهما بالشهود ـ فكيف يعارض ـ أي هذا الخبر ـ الكتاب الكريم المقطوع الصدور؟! فالحديث غريب ، لأن المشهور أنه لم يروه إلا أبو بكر وحده (٤) ، بل قام الإجماع على عدم صحته ، والخارج عن الإجماع شاذ لا يعبأ به.
__________________
(١) كابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ، والسمهودي في تاريخ المدينة ، والحلبي في السيرة ، والرازي في تفسيره ، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ، وقال الأخير في تاريخه ج ٥ / ٢١٨ بعد عرضه لما جرى على السيّدة الزهراء : «هجرت فاطمة أبا بكر فلم تكلّمه حتى ماتت ؛ وهذا الهجران فتح على فرقة الرافضة شرا عريضا وجهلا طويلا ، وأدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا يعنيهم ولو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله ، وقبلوا منه عذره ، ولكنهم طائفة مخذولة ، وفرقة مرذولة ، يتمسكون بالتشابه ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين ..» لقد اعترف بأن الصدّيقة الزهراء ماتت وهي غضبى على أبي بكر ولكنّ للخليفة المزعوم مبرراته ، وعلى الآخرين أن يقبلوها ويسلّموا لها بنظره!!
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ / ٣٠٦ ، ط / الأعلمي وشرح النهج ج ١٦ / ٣٤٤.
(٣) البحار ج ٢٩ / ٩٤.
(٤) شرح النهج ج ١٦ / ٣٥٢.