المواضع إلّا فيما فهم أن المراد تأكيد النص على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام؟ كما لا ريب أن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم كان أشفق على نفسه وأعلم بحاله من عمر بن الخطاب ، قال تعالى :
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١).
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٣).
وأما الخوف من أن يكتب أمرا يعجز الناس عنه ، فلو أريد به الخوف من أن يكلّفهم فوق الطاعة ، فقد ظهر له ولغيره بدلالة العقل قوله تعالى :
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٤) وبغيره من الأدلة النقلية أن رسول الله لا يكلّف أمته إلّا دون طاقتهم.
ولو أريد الخوف من تكليفهم بما فيه مشقة ، فلم لم يمنع عمر وغيره رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن فرض الحج والجهاد والصيام؟!
يرى عمر بحسب هذا الفهم أن كثيرا من الناس يعصون الله ورسوله في الأوامر الشاقة ، وعليه فإنه أراد أن يخفّف عن الأمة فغيّر وبدّل في أحكام الله وفرائضه ، فحرّم المتعتين وحيّ على خير العمل وغيرها من الأحكام تسهيلا على الأفراد ورفعا للمشقة عن أنفسهم ، وكأنه أرأف بهذه الأمة من الله ورسوله وأعرف
__________________
(١) سورة التوبة : ١٢٨.
(٢) سورة الحجرات : ٧.
(٣) سورة الحجرات : ٢.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٦.