فقال : يا ابن الخطّاب! إنه رسول الله ولن يضيّعه الله أبدا ، قال : فنزل القرآن على رسول الله بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه ، فقال : يا رسول الله! أو فتح هو؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ورجع (١).
ومن نظر في هذه الأخبار لم يشك في أن عمر بن الخطاب لم يرض بقول رسول الله وكان في صدره حرج مما قضى به رسول الله وقد قال الله عزوجل : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٢).
وظن عمر أن رسول الله كاذب في وعده «حاشاه صلىاللهعليهوآلهوسلم» وإلّا فلا معنى لقيامه مغضبا متغيّظا غير صابر حتى جاء إلى أبي بكر يبث له شكواه من رسول الله ، كان دائما يغيظ رسول الله ، ومما يدل على شدة غضبه صلىاللهعليهوآلهوسلم على عمر ما رواه البخاري في باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي عن زيد بن أسلم عن أبيه :
أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يسير في بعض أسفاره وكان عمر بن الخطّاب يسير معه ليلا فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، وقال عمر بن الخطاب : ثكلتك أمّك يا عمر نزرت (٣) رسول الله ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك. قال عمر : فحرّكت بعيري ثم تقدّمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل فيّ قرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي ، قال : فقلت لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن وجئت رسول الله فسلّمت فقال : «لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس» ثم قرأ : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) (٤).
__________________
(١) صحيح مسلم ج ١٢ / ١١٧ ح ١٧٨٥.
(٢) سورة النساء : ٦٥.
(٣) قوله «نزرت» أي ألححت عليه.
(٤) صحيح البخاري ج ٥ / ٨٠ ح ٤١٧٧.