مشرّعا لا لكونه عبدا وحبيبا لله تعالى ، وهذا ما أشار إليه الإمام الصادق عليهالسلام فقال : «نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة» (١).
فما كان يفعله الرسول هو الحق والصواب ، وخسر ما دونه المبطلون والمشككون والمنافقون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
كل هذا الكلام كان تعقيبا على الرواية الأولى التي دلت على أن عمر جذب ثوب النبيّ ناهيا إياه عن الصلاة على المنافقين.
وأما الرواية الثانية : «مع أن راويها أبو هريرة الكذّاب ينادي ببطلانها سخافة أسلوبها ، وبعث أبي هريرة مبشّرا للناس وجعل النّعلين علامة لصدقه وقد أرسل الله رسوله مبشّرا ونذيرا للناس وأمر أن يبلّغ ما أنزل إليه من ربّه ، ولم يجعل أبا هريرة نائبا له في ذلك ، ولم يكن القوم المبعوث إليهم أبو هريرة غائبين عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يتعذر عليه أن يبشّرهم بنفسه ، وكان الأحرى تبليغ تلك البشارة في المسجد عند اجتماع الناس لا بعد قيامه من بين القوم وغيبته عنهم واستتاره بالحائط.
ولم تكن هذه البشارة ممّا يفوت وقتها بالتأخير إلى حضور الصلاة واجتماع الناس أو رجوعهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن الحائط ، وكيف جعل النّعلين علامة لصدق أبي هريرة مع أنه متوقّف على العلم بأنهما نعلا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد جاز أن لا يعلم ذلك من يلقاه أبو هريرة فيبشّره ، وإذا كان ممّن يظن الكذب بأبي هريرة أمكن أن يظن أنه سرق نعليّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يعتمد على قوله ، ولو فرضنا صدق أوّل الخبر أمكن أن يكون ما رواه أخيرا من رجوعه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قول عمر من أكاذيبه.
ويؤيده ما رواه مسلم في الموضع المذكور ورواه غيره في عدة روايات أنه بشّر الناس بأنه من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنّة. وقد روى أبو هريرة نفسه ما يقرب من هذا المعنى.
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ / ٢١ ح ٤.