وما ادعاه القوشجي من نسبة الاجتهاد لعمر وللنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واضح الفساد لكون معارف النبيّ كلها من وحي الله إليه ولا علاقة للاجتهادات الشخصية فيها ، قال تعالى :
(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٢).
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (٣).
فالآراء التي لا تستند إلى وحي الله تبقى معرّضة للخطأ والله سبحانه لم يرد لنبيّه الكريم الوقوع في الخطأ لكونه قدوة حسنة ، ولأن الوقوع في الخطأ رجس نزهه الله سبحانه عنه.
وأما اجتهاد عمر فإنه اجتهاد في مقابل النص ، وهكذا اجتهاد يعتبر مرفوضا عند المسلمين لا سيّما الإمامية منهم حيث حرّموه واستنكروا على من قال به.
والنتيجة : أن آية المتعة لا ناسخ لها ، وأن تحريم عمر ، وموافقة جمع من الصحابة له على رأيه طوعا أو كرها إنما كان اجتهادا في مقابل النص ، وقد اعترف بذلك جماعة ، وأنه لا دليل على تحريم المتعة غير نهي عمر ، إلا أنهم رأوا أن اتباع سنّة الخلفاء كاتباع سنّة النبيّ.
وعلى أيّ حال فما أجود ما قاله عبد الله بن عمر : «أرسول أحق أن تتبع سنّته أم سنّة عمر؟!» ومن مساوئ الدهر أن يقاس النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بواحد من أمته ويجعل كلّا منهما مجتهدا وما ينطقه الرسول الأمين هو عين ما ثبت في اللوح المحفوظ.
__________________
(١) سورة النجم : ٤.
(٢) سورة الأحقاف : ٩.
(٣) سورة الحاقة : ٤٤ ـ ٤٥.