أَمْناً) (١) لذلك نفى موته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
هذه الشّبهة لقاضي القضاة في معرض دفاعه عن عمر بن الخطّاب في كتابه «المغني»(٢).
أورد عليه السيّد المرتضى (رضي الله عنه) في الشافي :
[بأنه لا يخلو خلاف عمر في وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أن يكون على سبيل الإنكار لموته على كل حال ، والاعتقاد بأن الموت لا يجوز عليه على كل وجه ، أو يكون منكرا لموته في تلك الحال ، من حيث لم يظهر دينه على الدين كله ، وما أشبه ذلك مما قال صاحب الكتاب : إنها كانت شبهة في تأخر موته عن تلك الحال.
فإن كان الوجه الأول ، فهو مما لا يجوز خلاف العقلاء في مثله ، والعلم بجواز الموت على سائر البشر لا يشك فيه عاقل ، والعلم من إظهار دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه سيموت كما مات من قبله ضروريّ ، وليس يحتاج في مثل هذا إلى الآيات التي تلاها أبو بكر ، من قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وما أشبهها.
وإن كان خلافه على الوجه الثاني ، تأوّل ما فيه أن هذا الخلاف لا يليق بما احتج به أبو بكر من قوله تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) لأنه لم ينكر على هذا جواز الموت ، وإنما خالف في تقدّمه ، وقد كان يجب أن يقول له : وأي حجة في هذه الآيات على من جوّز عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم الموت في المستقبل ، وأنكره في هذه الحال!
وبعد ، فكيف دخلت الشبهة البعيدة على عمر من بين سائر الخلق! ومن أين زعم أنه لا يموت حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم! وكيف حمل معنى قوله تعالى (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وقوله (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) على أن ذلك لا يكون في المستقبل بعد الوفاة! وكيف لم يخطر هذا إلّا لعمر وحده ، ومعلوم أن
__________________
(١) سورة النور : ٥٥.
(٢) شرح النهج ج ١٢ / ٣٢٠ والشافي ج ٤ / ١٧٣.