على الإمام عليهالسلام ، فاضطر إلى الدخول فيها وأن يقرن بتلك النظائر حتى تصل النوبة إليه ، فكان من الواجب التوصل إلى نيل الخلافة ولو بعد حين طلبا لحفظ الشريعة بالممكن المقدور.
(ومنها): أن الإمام عليا عليهالسلام أراد تذكيرهم بما يعينه للخلافة في مورد يحسن فيه التذكير ويصغى فيه إليه ، ويمكن عود الحق فيه إلى نصابه ، فلا يبقى لأحدهم عذر في المخالفة حتى تيسّر له أن يصرح بنص الغدير ، ومن خلاله نقض عليهالسلام خلافة من تقدّمه.
(ومنها): أنه عليهالسلام أراد تضليل أمرة الشيخين أبي بكر وعمر ، وتهجين أعمالهما ليعتبر من له قلب ، وقد فعل ذلك لمّا عرض عليه عبد الرحمن بن عوف البيعة بشرط أن يسير بسيرتهما فأبى ، إذ لو كانت سيرتهما صحيحة وعلى النهج المستقيم لوافق عليهما وقبل الشرط.
ويشهد لما ذكرنا النصوص التاريخية الدالة على رفض ما اشترطه عبد الرحمن عليه ، منها ما رواه أحمد في مسنده (١) :
عن أبي وائل قال ؛ قلت لعبد الرحمن بن عوف كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّا عليهالسلام؟ قال: ما ذنبي قد بدأت بعليّ عليهالسلام فقلت : أبايعك على كتاب الله وسنّة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر ، فقال : فيما استطعت ، قال ثم عرضتها على عثمان فقبلها.
فالحديث وإن لم ينطق بالحقيقة كما هي حفظا لشأن الشيخين ، لكنه دال على أنه عليهالسلام لا يستطيع العمل بسيرة الشيخين ، ضرورة استطاعته العمل بالكتاب والسّنّة لأنه قرين الكتاب وباب السنّة ، وليس عدم استطاعته للعمل بسيرتهما لعجزه عن العمل بالحق لأن الحق يدور معه حيث دار بل لعدم كونها ـ
__________________
(١) مسند أحمد ج ١ / ٧٥ وتاريخ اليعقوبي ج ١ / ١٦٢.