أي سيرة الشيخين ـ مع الحق والصراط المستقيم ، ولذا جعلها عبد الرحمن مغايرة للكتاب والسنة(١).
(ومنها): أنه عليهالسلام أراد أن لا يقال عنه أنه زهد في الخلافة التي زويت عنه ، وهو يعلم أنه لن ينال شيئا منها ، ويشهد له ما روي :
من أن الإمام عليا عليهالسلام شكا إلى عمه العبّاس ما سمع من قول عمر : كونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، وقال : والله لقد ذهب الأمر منّا ، فقال العبّاس : وكيف قلت ذلك يا ابن أخي؟
فقال عليهالسلام : إن سعدا لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن نظير عثمان وصهره فأحدهما لا يخالف صاحبه لا محالة ، وإن كان الزبير وطلحة معي فلن أنتفع بذلك إذا كان ابن عوف في الثلاثة الآخرين (٢).
(ومنها): دخوله عليهالسلام في الشورى ليظهر للناس مناقضة فعل عمر لروايته القائلة : لا تجتمع النبوة والإمامة في البيت الهاشمي ، وقد أشار الراوندي أن عمر لمّا قال : كونوا مع الثلاثة التي عبد الرحمن فيها ، قال ابن عبّاس للإمام عليّ عليهالسلام ذهب الأمر منا ، الرجل يريد أن يكون الأمر في عثمان ، فقال الإمام علي عليهالسلام : وأنا أعلم ذلك ولكني أدخل معهم في الشورى لأن عمر قد أهّلني الآن للخلافة وكان قبل ذلك يقول : إن النبوة والإمامة لا يجتمعان في بيت ، فأنا أدخل في ذلك لأظهر للناس مناقضة فعله لروايته (٣).
وبالجملة : فإن الشورى في مسألة تعيين الخليفة لم ينهض عليها دليل علمي ، وكل ما هناك أنها من مبتدعات عمر لتعيين عثمان ، وقد خالف بذلك طريقة أبي بكر نفسه الذي أوصى عمر أن يكون الخليفة على الأمة من بعده.
__________________
(١) دلائل الصدق ج ٣ / ١١٩.
(٢) أنساب الأشراف للبلاذري ج ٥ / ١٩.
(٣) شرح النهج ج ١ / ١٤٧ وج ١٢ / ٢٢٨.