الخطاب ، كاتفرد برواية «الأجلح» ومعلوم أن الخبر الواحد لا يصلح دليلا على كشف شخصية مولى الثّقلين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
فمع اعتراف عمر بأن الإمام عليا صاحب الفضائل والمناقب (١) فلم لم يرجع له حقا جعله الله تعالى له ، وما قصة الدعابة وما شابهها إلّا هروبا من الاعتراف بحقه عليهالسلام ، ويشهد لما قلنا (من أن الدعابة ليست سببا أو علة تامة لعدم استلام الأمير عليهالسلام منصب الخلافة بل وراء الأكمة ما وراءها) ما رواه البلاذري في تاريخه : أن عمر لمّا خرج أهل الشورى من عنده قال :
إن ولّوها الأجلح (٢) سلك بهم الطريق ، فقال عبد الله بن عمر : فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين؟
قال عمر : أكره أن أتحمّلها حيا وميّتا (٣).
وقوله الأخير «لا أتحملها» يعدّ عزوفا عن النص إلى واحد من بين ستة ، وهو في الواقع قول متلمّس متخلّص ، «لا يفتات (٤) على الناس في آرائهم ثم نقض هذا بأن نص على ستة من بين العالم كلّه ، ثم رتّب العدد مخصوصا ، يؤول إلى أن اختيار عبد الرحمن هو المقدّم ، وأيّ شيء يكون من التحمّل أكثر من هذا!! وأي فرق بين أن يتحمّلها بأن ينص على واحد بعينه ، وبين أن يفعل من الحصر والترتيب!» (٥).
__________________
(١) ورد عن عمر بألفاظ متعددة قوله : لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن. لاحظ شرح النهج ج ١٢ / ٢٦٠ ، وما ورد عن ابن عبّاس عند ما نصح عمر بالإمام عليّ ليكون من بعده ، حيث لا يمنعه من ذلك شيء مع جهاده وسابقته وقرابته وعلمه! فقال عمر : صدقت ، ولكنه امرؤ فيه دعابة. لاحظ شرح النهج ج ١٢ / ٢٢٧ ، وتاريخ الطبري ج ٣ / ٢٩٤.
(٢) الأجلح : الذي في رأسه صلع.
(٣) شرح النهج ج ١٢ / ٣٦٥.
(٤) لا يفتات : لا يستبد.
(٥) شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ / ٣٦٥ والشافي في الإمامة ج ٤ / ٢٠٥.