الخصاصة ، والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين وأنتم أحق الناس ألا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم ، وأبعد أن لا تحسدوا اخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم ، وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر ، وكلاهما له أهل ، فقال عمر وأبو عبيدة : ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر أنت صاحب الغار ثاني اثنين ، وأمرك رسول الله بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر ، فقال الأنصار : والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم ، وإنّا لكما وصفت يا أبا بكر والحمد لله ، ولا أحد من خلق الله تعالى أحب إلينا منكم ولا أرضى عندنا ولا أيمن ولكنّا نشفق مما بعد اليوم ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم ، فلو جعلتم اليوم رجلا منا ورجلا منكم بايعنا ورضينا.
ثم ردّ عليهم أبو بكر فقال :
«... أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم ولا النعمة العظيمة لهم في الإسلام رضيكم الله تعالى أنصارا لدينه ولرسوله ، وجعل إليكم مهاجرته ، فليس بعد المهاجرين الأولين أحد عندنا بمنزلتكم ، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا نفتات دونكم بمشورة ولا تنقضي دونكم الأمور.
فقام الحبّاب بن المنذر فقال :
يا معشر الأنصار ، املكوا عليكم أيديكم ، فإنما الناس في فيئكم وظلالكم ولن يجير مجير على خلافكم ، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم ، أنتم أهل العز والثروة وأولو العدد والنجدة ، وإنما ينظر الناس ما تصنعون .. أنتم أهل الإيواء والنصرة ، وإليكم كانت الهجرة ، ولكم في السابقين الأولين مثل ما لهم ، وأنتم أصحاب الدار والإيمان من قبلهم ، والله ما عبدوا الله علانية إلا في بلادكم ، ولا جمعت الصلاة إلا في مساجدكم ، ولا دانت العرب للإسلام إلا بأسيافكم ، فأنتم أعظم الناس نصيبا في هذا الأمر وإن أبى القوم ، فمنا أمير ومنهم أمير.