الظروف والصدف ، لأن الإمامة أو الخلافة بنظر الإمامية هي نيابة عن الرسول في المجالات التشريعية والتنفيذية ، وله الولاية المطلقة على العباد بأمر منه تعالى ، فولايته طولية لا عرضية ، لأن الخليفة الإمام هو الرابط بين الناس وبين ربهم في إعطاء الفيوضات الباطنية كما أن النبيّ رابط بين الناس وربهم في إعطاء الفيوضات الظاهرية ، فإذا كان كذلك فكيف يمكن للناس أن يحيطوا بهكذا إنسان حتى يقال إنه يمكن للناس أو أهل الحل والعقد أو الشورى أن يعيّنوا الإمام السفير والحجة تماما كالنبيّ لا فرق بينهما سوى بالوحي التشريعي دون التسديدي حيث يتساويان به.
وبما أن رسالة الإسلام أكمل الرسالات والشرائع ، وقد بلّغ النبيّ الأعظم كل أحكامها الحقة من أصول وفروع ومعتقدات خلال فترة بعثته عليهالسلام ثم ارتحل إلى ربه ، والرسالة لمّا تستكمل بعد جميع أهدافها ، لذا كان من الواجب في حكمته تعالى من باب اللطف والكمال المطلق المتصف تعالى بهما أن يوكل لإتمام مسيرة تطبيق الشريعة لأناس مطهرين معصومين عن الخطأ والزلل والهوى نتيجة علمه عزوجل الأزلي بأنهم سيطيعونه ولا يعصونه ، يبيّنون أحكامه تعالى في كل عصر ، وفي كل المجالات ، وبالأخص بعد وفاة النبيّ الأكرم حيث الإسلام لم يكن متمكّنا بعد في النفوس التي تربّت على تقاليد الصحراء الجافة ، بالإضافة إلى تربص المشركين في الجزيرة يكيدون للإسلام وللمسلمين ، وهجمات الروم المتكررة على أرض العرب ، مع تحذير النبيّ لأصحابه من أن يرجعوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، كل ذلك يستدعي وجود إنسان كامل نقي السريرة ، معصوم مسدّد بالفيض الإلهي ، يحلّ مكان الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم في أداء الرسالة التي جاءت لتنقذ البشرية من جهل العصبية والحقد والرذيلة ، ولينعم الناس بقطر السماء وخيرات الأرض ، وليس في أصحاب النبيّ محمّد من العصمة والكمال سوى الإمام عليّ وأبنائه المطهرين عليهمالسلام ، ولا يعني ذلك أن إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام كانت ظرفا استثنائيا آنذاك ، وإنما هو إمام حتى مع وجود النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإمامته في حياة النبيّ