خمارتكين قد صادرنا بألف وستمائة دينار ، وقد كسر ثنيتيّ أحدنا ، وأراهما السلطان وقد قصدناك لتقتصّ لنا منه ، فإن أخذت بحقّنا كما أوجب الله عليك ، وإلّا فالله يحكم بيننا.
قال : فرأيت السلطان وقد نزل عن دابته وقال : ليمسك كل واحد منكما بطرف كمي ، واسحباني إلى خواجه حسن ، يعني نظام الملك ؛ فامتنعا من ذلك ، واعتذرا فأقسم عليهما إلّا فعلا ، فأخذ كل واحد منهما بكمّ من كمّيه ومشى معهما إلى نظام الملك ، فبلغه الخبر ، فخرج مسرعا ، فلقيه وقبّل الأرض ، وقال : يا سلطان العالم! ما حملك على هذا؟ فقال : كيف يكون حالي غدا عند الله إذا طولبت بحقوق المسلمين ، وقد قلّدتك هذا الأمر لتكفيني مثل هذا الموقف ، فإن نال الرعيّة أذى فأنت المطالب ، فانظر لي ولنفسك.
فقبّل الأرض ، ومشى في خدمته ، وعاد من وقته ، وكتب بعزل الأمير خمارتكين عن إقطاعه ، وردّ المال عليهما ، وأعطاهما مائة دينار من عنده ، وأمرهما بإثبات البيّنة أنّه قلع ثنيتيه ليقلع ثنيتيه عوضهما ، فرضيا وانصرفا (١).
ويروى أنّ ملكشاه هو أوّل من سنّ التقويم الشمسي بمعاونة جماعة من المنجّمين منهم : عمر الخيّام ، وأبو المظفّر الأسفزاري ، وميمون بن النجيب الواسطيّ ، وبقي الرصد دائرا إلى أن مات السلطان سنة خمس وثمانين وأربعمائة فبطل بعد موته (٢).
ويقال أنّ تقويمه لم يلق ترحيبا من الناس لأنّه جعل مبدأ التقويم يوم جلوسه على كرسيّ الحكم معتبرا إياه بداية للسنة الشمسيّة ، معرضا عن التاريخ الهجري ومهملا إيّاه ، وأراد أن يشيع هذا التقويم إلّا أن الناس رفضوا ذلك
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ١٠ / ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٢) نفس المصدر ج ١٠ / ٩٨.