الملك ، فرأى العميد يتجنب الأكل مع المقطوع ، فأمره بالانتقال إلى الجانب الآخر ، وقرّب المقطوع إليه (١) فأكل معه.
وكانت عادته أن يحضر الفقراء طعامه ، ويقرّبهم إليه ، ويدنيهم. وأخباره مشهورة كثيرة ، قد جمعت لها المجاميع السائرة في البلاد» (٢).
ومن مآثره أنه بنى المدارس والربط والمساجد في البلاد ، وهو أول من أنشأ المدارس فاقتدى به الناس ، كما أنه المؤسس للمدرسة النظامية في بغداد عام ٤٥٧ ه وقد استلم الغزالي (٣) سدة التدريس فيها ، حيث كانت تربطه بنظام الملك علاقات حميمة ، من هنا عند ما توفي نظام الملك ، سافر الغزالي إلى نيسابور حيث درّس في مدرسة فخر الملك ابن نظام الملك في نيسابور.
ويحكى من حسن أخلاقه أنه كان بينه وبين تاج الملك أبي الغنائم شحناء ومنافسة كما جرت العادة بمثله بين الرؤساء ، فقال أبو الغنائم لابن الهبارية وكان من الملازمين لخدمة نظام الملك ، إن هجوت نظام الملك فلك عندي كذا وأجزل له الوعد ، فقال :
كيف أهجو شخصا لا أرى في بيتي شيئا إلّا من نعمته ، فقال : لا بد من هذا. وأنشأ هذه الأبيات :
لا غرو إن ملك |
|
ابن إسحاق وساعده القدر |
وصفت له الدنيا |
|
وخص أبو الغنائم بالكدر |
والدهر كالدولاب |
|
ليس يدور إلّا بالبقر |
فبلغت الأبيات نظام الملك فقال : هو يشير إلى المثل السائر على ألسنة الناس وهو قولهم أهل طوس بقر.
__________________
(١) في نسخة «المقطوع اليد».
(٢) الكامل في التاريخ ج ١٠ / ٢٠٧ ـ ٢١٠.
(٣) المنقذ من الضلال للغزالي ص ٢٢.