وكان نظام الملك من طوس وأغضى عنه ولم يقابله على ذلك بل زاد في إفضاله عليه فكانت هذه معدودة من مكارم أخلاق نظام الملك وسعة حلمه ، ويناسب (١) أن يقال في حقه على حد تعبير العلّامة عباس القمي (قدّس سره) :
عشق المكارم فهو مشتغل بها |
|
والمكرمات قليلة العشاق |
وأقام سوقا للثناء ولم تكن |
|
سوق الثناء تعد في الأسواق |
بث الصنائع في البلاد فأصبحت |
|
يجبى إليه محامد الآفاق |
وقال الأستاذ عبد الحليم الجندي :
كان نظام الملك وزيرا عظيما ينشر العلم وينشئ المدارس ، ويعمل للوحدة ويحاول أن يجمع علماء الفرق ، فدخل عبد السلام بن محمّد القزويني شيخ المعتزلة وعنده أبو محمد التميمي ، ورجل آخر أشعري فقال له :
أيّها الصدر لقد اجتمع عندك رءوس أهل النار أنا معتزلي ، وذلك أشعري ، وهذا مشبّه وبعضنا يكفّر بعضا (٢).
وزبدة المخض :
أن نظام الملك رجل له خدمات جليلة على الفقراء والمساكين ، هذا مضافا إلى أن طبيعته ونفسيته كانت إلى السلم أميل منها إلى الحرب ، يعرف هذا من خلال مشاورة الملك له بشأن الشيعة وتدبير الأمور لا سيما في عهد ألب أرسلان وما قدّم من تضحيات في سبيل تدعيم الوحدة بين المسلمين ، ونصرة الحق ، فلله دره وعلى الله أجره ، ويكفيك أنه دفع ضريبة ذلك حيث قتله جماعة من النواصب أو الحاقدين نصبوا للحق العداوة والبغضاء.
فقد روى ابن الأثير قصة مقتله فقال :
__________________
(١) الكنى والألقاب ج ٣ / ٢٥٨.
(٢) الإمام جعفر الصادق (ع) ص ٣٥٥ ، طبع القاهرة عام ١٣٩٧ ه.