«في هذه السنة ، عاشر رمضان ، قتل نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الوزير بالقرب من نهاوند ، وكان هو والسلطان في أصبهان ، وقد عاد إلى بغداد ، فلمّا كان بهذا المكان ، بعد أن فرغ من إفطاره ، وخرج في محفّته إلى خيمة حرمه ، أتاه صبيّ ديلمي من الباطنية ، في صورة مستميح أو مستغيث ، فضربه بسكين كانت معه ، فقضى عليه وهرب ، فعثر بطنب خيمة ، فأدركوه فقتلوه ، وركب السلطان إلى خيمة ، فسكن عسكره وأصحابه (١).
ثم ذكر ابن الأثير سبب مقتله وأن الذي دبّر قتله هو ملكشاه نفسه فقال :
وكان سبب قتله أن عثمان بن جمال الملك بن نظام الملك كان قد ولّاه جدّه نظام الملك رئاسة مرو ، وأرسل السلطان إليها شحنة يقال له قودن ، وهو من أكبر مماليكه ، ومن أعظم الأمراء في دولته ، فجرى بينه وبين عثمان منازعة في شيء ، فحملت عثمان حداثة سنّة ، وتمكّنه ، وطمعه بجده ، على أن قبض عليه ، وأخرق به ، ثم أطلقه ، فقصد السلطان مستغيثا شاكيا ، فأرسل السلطان إلى نظام الملك برسالة مع تاج الدولة ومجد الملك البلاسانيّ وغيرهما من أرباب دولته يقول له : إن كنت شريكي في الملك ، ويدك مع يدي في السلطنة ، فلذلك حكم ، وإن كنت نائبي ، وبحكمي ، فيجب أن تلزم حدّ التبعيّة والنيابة ، وهؤلاء أولادك قد استولى كل واحد منهم على كورة عظيمة ، وولي ولاية كبيرة ولم يقنعهم ذلك ، حتى تجاوزوا أمر السياسة وطمعوا إلى أن فعلوا كذا وكذا ؛ وأطال القول ، وأرسل معهم الأمير يلبرد ، وكان من خواصّه وثقاته ، وقال له: تعرّفني ما يقول ، فربما كتم هؤلاء شيئا.
فحضروا عند نظام الملك وأوردوا عليه الرسالة ، فقال لهم : قولوا للسلطان إن كنت ما علمت أني شريكك في الملك فاعلم ، فإنك ما نلت هذا
__________________
(١) الكامل في التاريخ لابن الأثير ج ١٠ / ٢٠٤.