فتبعه خالد فأخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي عنه فأنزل الله عزوجل قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١).
وبالجملة : فإن الآية ـ بنظر أصحاب هذا الرأي ـ نزلت بالأمراء والحكام ، وعلى المسلمين أن يطيعوهم في كل حال ، ورووا في ذلك أخبارا منها :
عن أنس أن رسول الله قال : اسمعوا وأطيعوا ، وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة(٢).
وعنه أيضا قال : أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدوع الأطراف(٣).
وعنه أيضا : من رأى من أميره شيئا فكرهه فليصبر ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية (٤).
يورد عليه :
١ ـ إنّ كل ما أوردناه على الوجه الأول ، يجري على هذا الوجه أيضا.
٢ ـ إن هذا التفسير لا يتناسب مع مفهوم الآية وروح الإسلام ، إذ لا يمكن أن تقترن طاعة الأمراء والحكام والحكومات ـ مهما كانت طبائعهم ـ من دون قيد أو شرط بإطاعة الله والرسول ، لأنّ الله تعالى لا يأمر بإطاعة السهو والغلط ، والأمراء والحكام ليسوا مأمونين من ذلك ، فقبيح أن يأمر سبحانه بإطاعتهم.
قد يقال :
إن طاعة هؤلاء مشروطة بعدم عصيانهم ومخالفتهم لقوانين الشريعة ، فلا بأس حينئذ أن تأمر الآية بإطاعتهم ما داموا في طاعة الله تعالى.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ١ / ٤٤٥ وأسباب النزول للواحدي ص ١٣٥.
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ / ٤٤٥.
(٣) نفس المصدر السابق.
(٤) نفس المصدر.