نيل العقوبة كذلك منوط بهنّ وبإرادتهنّ الخاصة ، كقوله تعالى (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا .. وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ .. مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ ..) وهكذا البواقي ، وهذا بخلاف المقطع المرتبط بأهل البيت فإنه يحكي تعلق الإرادة الإلهية ، لا إرادتهم بإذهاب الرجس وتطهيرهم تطهيرا عظيما.
وكيف يمكن لإرادة الله تعالى المحتومة أن تتعلق بنزاهة أزواج النبيّ وطهارتهنّ من الخبائث والأرجاس ، والآيات السابقة يلوح منها احتمال انصرافهنّ إلى الدنيا ، وسقوطهنّ في حبائلها وزينتها؟! ومن الواضح عدم انسجامه مع الإرادة الحتمية بالطهارة.
كل هذا يقرّب ما قلنا من أن آية التطهير منفردة في النزول والموضوع ، بل لو ثبت نزولها مع الآيات الأخرى فإنها تختلف عنها في شأن النزول ، إذ إن وحدة السياق تقتضي الاتحاد في نوع الضمائر ، ومقتضى التسلسل الطبيعي أن تكون الآية هكذا : إنما يريد الله ليذهب عنكنّ الرجس أهل البيت ويطهركن تطهيرا ، لا «عنكم» ولا «تطهيركم».
٣ ـ إن أكثر الروايات دلت على أن آية التطهير نزلت في بيت أم سلمة ، حيث نزلت منفردة كما توحي به مختلف الأجواء التي رسمتها رواياتها لما أحاط بها جمع أهل البيت وإدخالهم في الكساء ومنعها من مشاركتهم في الدخول ، إلى ما هنالك.
وعليه لا نسلّم بنزول الآية بنساء النبي ولا أنها مرتبطة بما قبلها وما بعدها من الآيات ، بل هي آية مستقلة لا ربط لها بأزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما وقعت في ثنايا الآيات المربوطة بآيات الأزواج لمصلحة كان صاحب الشريعة أعرف بها ، هذا بناء على الرأي القائل أن ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنما كان بوحي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث كان يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا (١).
__________________
(١) لاحظ الاتقان للسيوطي ج ١ / ١٧٦.