هذا ، وقد رواه الخاصة والعامة ، وشهد كثيرون منهم بصحته ، «حتى أن الحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني المتوفى ٤٧٧ ه وضع كتابا أسماه (الدراية في حديث الولاية) جمع فيه طرق حديث الغدير ، ورواه عن مائة وعشرين صحابيا» (١).
ومن ذا الذي يسعه إنكار صحته ، وقد تصافقت الأمة على قبوله والبخوع له ، وأي متعنّد يمكنه رد تواتره اللفظي في الجملة والمعنوي في تفاصيله ، وقد شهد به القريب والبعيد ، ورواه القاصي والداني ، وأثبته أكثر المؤلفين في الحديث والتاريخ والتفسير والكلام ، وأفرده بالتأليف آخرون ، فلن تجد له إلّا رنّة تصكّ المسامع منذ هتف به داعي الرشاد حتى عصرنا ، وسيبقى ذكره مخلّدا ما تعاقب الليل والنهار ، فليس من يجابهه بالإنكار إلّا كمن يتعامى عن الشمس الضاحية ، وإنما راقنا البحث عمّا قيل في ذلك إصحارا بحقيقة راهنة ، ألا وهي إصفاق علماء الفريقين على صحة الحديث وتواتره ، ليعلم القارئ أنّ من يحيد عن تلكم الخطة شاذ عن الطريقة المثلى ، خارج تجاه ما اجتمعت عليه الأمة ، وهو يقول : إن الأمة لا تجتمع على خطأ وسنذكر هنا ثلة من محققي العامة ممن بخعوا لفضله وصحة سنده ومضمونه ، معتمدين على ما رواه المؤرخ الجليل العلّامة الحجة الأميني (قدسسره) (٢) ، فمن هؤلاء :
(١) الحافظ أبو عيسى الترمذي المتوفى ٢٧٩ ه ، قال في صحيحه ج ٢ / ٢٩٨ بعد ذكر الحديث : هذا حديث حسن صحيح.
(٢) الحافظ أبو جعفر الطحاوي المتوفى ٢٧٩ ه قال في «مشكل الآثار» ج ٢ / ٣٠٨ قال أبو جعفر : «... فهذا الحديث صحيح الإسناد ، ولا طعن لأحد في رواته ، وفيه : أن ذلك القول كان من رسول الله لعليّ بغدير خم في رجوعه من حجّه إلى المدينة لا في خروجه لحجه من المدينة.
__________________
(١) الغدير ج ١ / ١٥٥.
(٢) الغدير ج ١ / ٢٩٤ ـ ٣١٣.