الإجماع في واد ، وعليّ أمير المؤمنين في واد آخر لكان الحق مع الإمام عليّ طبقا للحديث المزبور والأحاديث الأخرى من النبيّ على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل التحية والسلام. وما ذكره من أنه لو صحّ لما خفي على الصحابة ، ففيه أنه لم يخف على أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وزوجه البتول فاطمة سيّدة نساء العالمين وأولادهما الطاهرين الذين هم رؤساء الصحابة ، وقد تمسّكوا به وبنظيره في غير واحد من احتجاجاتهم ، وصرّحوا به في أخبارهم ورواياتهم ، أما غيرهم ممن عقدوا قلوبهم على إطفاء نور الله ، وأجمعوا أمرهم على غصب خلافة الله فلم يخف عليهم أيضا ، وإنما أخفوه عمدا حيث كان إظهاره نقضا لغرضهم.
(٤) ما ذكره من أنه على تقدير تسليمه إنما يثبت خلافته ولا ينفي خلافة الآخرين ، ففيه بعد تسليم عدم نفيه لخلافة الآخرين أنّ كفايته لإثبات خلافته عليهالسلام فقط كافية لنا ، وما المقصود إلّا ذلك ، وأما خلافة الآخرين فقد قامت الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على عدمها حسبما فصّلناه سابقا. هذا مضافا إلى أن هذا مكابرة ظاهرة ، إذ كيف يترك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في حال نصب إمام للمسلمين لحضور أجله ـ ذكر ثلاثة من الخلفاء ، وينص على من بعدهم حيث سيكون إماما بعد خمس وعشرين سنة من وفاته ، ولو جاز ذلك لكان جميع ولاة العهد محل كلام إذ لا يقول السلطان : هذا ولي عهدي بلا فصل ، «بل على احتمالات القوم لو قال رسول الله : من كنت مولاه فعليّ مولاه بعدي ، لقالوا لا منافاة بين البعدية والفصل بغيره ، كما صنع القوشجي في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت وصيي وخليفتي من بعدي ، بل لو قال : فعليّ مولاه بعدي بلا فصل ، لقالوا يحتمل أن يكون المعنى بلا فصل من غير الثلاثة ، ولا عجب ممن نشأ على التعصب وحب العاجلة وقال : إنّا وجدنا آباءنا على ملة» (١).
(٥) إن الحديث لم يخف على أحد من الصحابة ، بل كانوا يعرفونه ، لكنهم
__________________
(١) دلائل الصدق ج ٢ / ٦٣.