صحيحة عندهم واستدركها أصحابهما ، فإنّ إهمالهما لهذا الحديث الصحيح المتواتر لا لمجرد عدم موافقته لمذهبهما بل لرعاية ملوك زمانهما وهوى قومهما ، والناس على دين ملوكهم ، وبهذا تعلم عذر من أنكر حديث الغدير كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهما من أئمة الحديث ، ونحن مع كثرة تأكيدنا وثلة من محققي العامة على حديث الغدير ، لا نستغرب أن ينكر هؤلاء الحديث الشريف لشدّة بغضهم لعترة رسول الله ، من هنا نتأسى بقول شيعي موال أجاب عامّيا معترضا على الشيعة بقوله : ما لكم تنوحون على الإمام الحسين في كل وقت وقد مضت على قتله السنون؟ فقال : نخاف أن تنكروا قتله ومظلوميته كما أنكرتم بيعة الغدير.
وبالجملة : فقد اعترف أكابر العامة بتواتر الحديث ووضوح دلالته ، فارتكاب القدح فيه يكون ناشئا عن اعوجاج الفطرة وسوء الاستعداد ، والتورط في العصبيّة والعناد ، ذلك جزاؤهم جهنم بما اتخذوا آيات الله وأوليائه هزوا.
(٣) دعواه أن الحديث خبر واحد في مقابلة الإجماع مصادرة على المطلوب وافتراء وكذبا صريحا بعد ما ذكرنا سابقا تواتر الحديث وكونه مجمعا على روايته بين فرق الإسلام ، وقد رواه السيد العلّامة المحدّث البحراني في كتاب غاية المرام بمائة طريق من طرق العامة ، وبسبعين طريقا من طرق الخاصة ، وقد أفرد له محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ كتابا سمّاه «كتاب الولاية».
هذا مضافا إلى أن الإجماع لوحده غير كاف لإثبات الحجية وإلا لكان إجماع النصارى واليهود حجة ، فاتفاق المجمعين على شيء لا يخرجه من البطلان إلى الصحة ، ولا يغيّر من عنوانه الأولي. ولو سلّمنا بوجود إجماع على النفي إلا أن أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام وأصحابه الميامين خالفوا الإجماع المدعى كذبا وافتراء ، ألم يصرّح الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن الحق مع عليّ وعليّ مع الحق(١)؟! فلو كان
__________________
(١) راجع إحقاق الحق ج ٥ / ٦٢٣ فقد خرّج مصادره وطرقه من كتب العامة.