من كلامه ، ومن معتقده الميشوم الباطل ، نعوذ بالله من أن يعتقد أن في أمة رسول الله من كان أقرب إلى الله منه» (١) انتهى.
والجواب :
١ ـ لا ريب أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكل صالح مقرّب لا يرى لنفسه استحقاقا في استجابة دعائه (٢) ولا يجعل الاعتماد على نفسه ، بل يتوسل إلى الإجابة بأنواع الوسائل التي يقتضيها المقام ، كتعظيم الله سبحانه وتمجيده بأسمائه الحسنى ، والتملق له بحمده وشكر نعمائه وإظهار المذلة والخضوع لجنابه الأرفع قولا وفعلا بأن يجلس على الأرض ويعفّر وجهه بالتراب مثلا ، وخير شاهد لما نقول أن آدم عليهالسلام لم يتب الله تعالى عليه حتى دعاه بالأسماء المقدّسة : محمّد ـ عليّ ـ فاطمة ـ حسن ـ حسين. وكذا غيره من الأنبياء العظام أمثال نوح وإبراهيم كما في بعض الأخبار أنهما ناجيا الله سبحانه بالرسول محمّد وعترته الطاهرة مع قربهم من الله تعالى ، لكنهم فعلوا ذلك لمحبوبية تلك الذوات المطهّرة المدلول عليها بالأسماء ، وربما تقتضي أهمية المطلوب أن يجمع معه المقربين لاحتمال أن للاجتماع مدخلية في حصول الإجابة أو مبادرتها ، أو كونها تخص أحدهم لخصوصية هناك ، فحينئذ لا مانع من استسعاد النبيّ بدعاء أهل بيته عليهمالسلام واستعانته بهم في التأمين على دعائه ، وجعلهم واسطة بينه وبين ربه ، وإن كانوا معه بدرجة واحدة من القرب إلى الله تعالى ، وليس المراد من الواسطة جعلهم واسطة في الهداية بأن يكونوا رسولا بينه وبين الله تعالى ، بل المراد جعلهم وسائط ووسائل بينه وبين الله تعالى في طلب الرحمة عليه وعليهم ونزول العذاب على مخالفيهم ،
__________________
(١) إحقاق الحق ج ٧ / ٤٢٧.
(٢) يشهد لهذا ما طلبه النبي موسى عليهالسلام من ربه حيث لم يستأثر حالة الدعاء لنفسه ولا استكبر عن الطلب منه تعالى لأخيه هارون كي يشركه في التسبيح والدعاء وما شابه ذلك ، قال الله حكاية عنه (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) (سورة طه : ٢٥ ـ ٣٤).