وأما مبايعته بعد ستة أشهر ـ كما يدّعي العامة ـ فليست صحيحة لوقوعها قهرا بعد ذلك ، كما أن مناصحته لهم بعد مشاورتهم له في بعض الأمور إنما هي لإصلاح الدين لا لترويج أمرتهم ، ولذا ما زال يتظلم منهم ووقع بينهم وبينه من النفور والعداوة ما هو جليّ لكل أحد.
وأما ما ذكره في شأن البغاة فهو إقرار بأن صاحبة الجمل وأصحابها ومعاوية وأنصاره كانوا مبطلين ومطالبين عند الله تعالى بأمر عظيم وهو إلقاح الفتنة إلى يوم الدين وإزهاق نفوس الآلاف من المسلمين الذي لا تنجي منه التوبة بالقول لو صدرت ما لم يعطوا النصف من أنفسهم ويخرجوا عن المظالم إلى أهلها ، والإقرار بذلك لا يناسب تعظيمهم لهم وجعل تفضيل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام وجعل الزبير حواري رسول الله ومعاوية هاديا مهديا (١).
(٢٤) الرابع والعشرون :
حديث الثقلين
روى أحمد بن حنبل في مسنده : أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيد الحسن والحسين وقال : من أحبني ، وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة (٢).
وفيه عن جابر ، قال : قال رسول الله ذات يوم بعرفات ، وعليّ تجاهه : ادن مني يا عليّ ، خلقت أنا وأنت من شجرة ، فأنا أصلها ، وأنت فرعها ، والحسن والحسين أغصانها ، فمن تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنة (٣).
__________________
(١) دلائل الصدق ج ٢ / ٣٠٤.
(٢) تهذيب التهذيب ج ١٠ / ٤٣٠ ، صحيح الترمذي ج ٢ / ٣٠١ ، تاريخ بغداد ج ٣ / ٢٨٧ ، كنز العمال ج ٦ / ٢١٧ ، مسند أحمد ج ١ / ٧٧ ، والتاج الجامع للأصول ج ٣ / ٢٤٩.
(٣) ذخائر العقبى ص ١٦ ، ينابيع المودة ص ٢٤٥ ، شواهد التنزيل ج ١ / ٢٩١ ، المستدرك للحاكم ج ٣ / ١٦٠ ، كنوز الحقائق للمناوي ص ١٥٥ وغيرهم.