الثاني : بمعنى الأعوان والأنصار كقوله تعالى : (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّه).
وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ).
والضمير المتصل في «شيعته» فيه وجوه :
الوجه الأول : راجع إلى النبي نوح عليهالسلام أي أن من شيعة نوح لإبراهيم عليهالسلام لأنه كان على منهاج نوح وسنّته في التوحيد واتباع الحق.
الوجه الثاني : راجع إلى النبي الأكرم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أي أن من شيعة النبي محمد لإبراهيم عليهالسلام لأن إبراهيم خبر مخبره فاتّبعه ودعا له ، هذا الرأي تبناه ابن الأعرابي ووافقه عليه الفراء (١) ، وكذا ذكره الطبرسي قدسسره في تفسيره (٢) ، وكذا الكلبي برواية الرازي في التفسير (٣). وقد اختار الوجه الأول جلّ مفسري الشيعة والسنّة ، واستدلوا عليه بأن الثاني لا دليل عليه من جهة اللفظ ، بمعنى أنه لم يجر لمحمد ذكر ، فهو ترك الظاهر (٤) ؛ هذا مضافا إلى عدم مساعدة السياق عليه (٥).
يجاب عنه :
أولا : سياق الآيات هنا لا يعارض بعض الأخبار الدالة على الوجه الثاني ، لا سيّما أنها في صدد بيان مراتب التأويل ـ أي البطون ـ فلا معنى حينئذ لتصور معارضة هذا السياق لها ، هذا فضلا عن أن يدّعى ترجيحه على دلالتها.
ثانيا : حجية السياق لا تتقدم على ظواهر الأخبار المبيّنة لمراتب التأويل ،
__________________
(١) لسان العرب ج ٨ / ١٨٨ وتفسير التبيان للطوسي ج ٨ / ٥٠٧.
(٢) مجمع البيان ج ٨ / ٢٣٤ ، ط / دار الكتب العلمية.
(٣) تفسير الرازي ج ٢٦ / ١٤٦.
(٤) تفسير التبيان للطوسي ج ٨ / ٥٠٧.
(٥) تفسير الميزان ج ١٧ / ١٤٧.