«لأن الكناية عمّن لم يجر له ذكر جائزة إذا اقترن بذلك دليل كما قال تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) ولم يجر للشمس ذكر» (١).
تبيّن بهذا أن السياق لا ينافي مراتب التأويل ، وشهد له ما روي عن مولانا الإمام الصادقعليهالسلام أنه قال : قال قوله عزوجل (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) أي إبراهيم عليهالسلام من شيعة عليعليهالسلام(٢)
ويؤيد هذا التأويل ما رواه الشيخ محمد بن الحسن بسند طويل قال :
سأل جابر بن يزيد الجعفي ، جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام عن تفسير هذه الآية (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) فقال عليهالسلام : إن الله سبحانه لمّا خلق إبراهيم عليهالسلام كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش ، فقال : إلهي ما هذا النور؟ فقيل : هذا نور محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم صفوتي من خلقي ، ورأى نورا إلى جنبه فقال : إلهي وما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور علي بن أبي طالب ناصر ديني ، ورأى إلى جنبهما ثلاثة أنوار ، فقال : إلهي وما هذه الأنوار؟ فقيل : هذا نور فاطمة ، فطمت محبيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين ، فقال : إلهي وأرى تسعة أنوار قد حفّوا بهم؟ قيل : يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولد علي وفاطمة ، فقال إبراهيم : إلهي بحق هؤلاء الخمسة إلّا ما عرفتني من التسعة؟ فقيل : يا إبراهيم أولهم : علي بن الحسين وابنه محمد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمد وابنه علي وابنه الحسن ، والحجة القائم ابنه ، فقال إبراهيم : إلهي وسيدي أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلا أنت؟ قيل : يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم ، شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال إبراهيم : وبما تعرف شيعته؟
فقال : بصلاة إحدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع والتختم في اليمين ، فعند ذاك قال إبراهيم : اللهم اجعلني من شيعة
__________________
(١) تفسير التبيان للطوسي ج ٨ / ٥٠٨.
(٢) تفسير البرهان ج ٤ / ٢٠.