لذكرها ، وقال سبحانه « فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » (١) فلو كان المجعول قسما أخر لذكره في امتنانه علينا ، الا ترى الى قوله تعالى في هذه الآيات ، ووجه الامتنان بها ، وذكر التثنية في جميعها ، من غير إدخال قسم ثالث فيها.
ثم ان شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمهالله رجع عما ذكره أجمع في مسائل خلافه وترك القول الذي حكيناه ، عنه في نهايته ، ومبسوطة ، وإيجازه ، فقال في مسائل الخلاف مسألة : إذا مات إنسان ، وخلف خنثى مشكلا ، له ما للرجال وما للنساء ، اعتبر بالمبال ، فان خرج من أحدهما أولا ، ورث عليه ، وان خرج منهما اعتبر بالانقطاع ، فورث على ما ينقطع أخيرا فإن اتفقا روى أصحابنا انه تعد أضلاعه ، فإن تساويا ورث ميراث النساء ، وان نقص أحدهما ورث ميراث الرجال ، والمعمول عليه ان يرجع الى القرعة فيعمل عليها ، وقال الشافعي ننزله نحن بأسوإ حالتيه ، فنعطيه نصف المال ، لانه اليقين ، والباقي يكون موقوفا حتى يتبين حاله ، فإن بان انه ذكر ، أعطيناه ميراث الذكور ، وان بان أنه أنثى ، فقد أخذ حقه ، فيعطى الباقي للعصبة ، وبه قال زيد بن ثابت ، وقال أبو حنيفة يعطيه النصف يقينا ، والباقي يدفع الى عصبته ، وذهب قوم من الحجازيين ، وقوم من البصريين ، انه يدفع اليه نصف ميراث الذكر ، ونصف ميراث الأنثى ، فيعطى ثلاثة أرباع المال ، وبه قال أبو يوسف وجماعة من أهل الكوفة ، دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، هذا أخر كلامه رحمهالله في المسألة (٢).
الا ترى الى قول شيخنا رحمهالله ، فان فيه إذا تامّلته عجائب ودلائل على صحة القول بما اخترناه ، وفساد المذهب الذي ذهب إليه في كتبه المقدم ذكرها ، وهو قوله فان اتّفقا روى أصحابنا انه تعد أضلاعه ، فإن تساويا ورث ميراث النّساء ، وان نقص أحدهما ورث ميراث الرجال ، فقد أقر على نفسه ان أصحابه يعني الشيعة الإمامية رووا ذلك من غير خلاف بينهم في الرواية ، بل تلقاها جميعهم بالقبول ، لانه لم يقل وقد روي خلافه ، فدل على ان الرّواية متواترة ، وما هذا حكمه يجب
__________________
(١) سورة القيامة ، الآية ٣٩.
(٢) الخلاف ، كتاب الفرائض ، مسألة ١١٦.