وذهب في نهايته إلى ان فيها نصف الدية (١).
والأول الذي اخترناه هو الأظهر الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، ولأن الأصل براءة الذمة ، فيما زاد على الثلث ، فمن ادعى زيادة عليه ، يحتاج الى دليل ، ولا دليل عليه من كتاب ، ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا يرجع في مثل ذلك الى اخبار الآحاد.
والأعور ، إذا فقأ عين صحيح ، قلعت عينه ، وان عمى فان الحقّ أعماه ، فإن قلعت عينه ، كان بالخيار ، بين ان يقتص من احدى عينيه ، أو يأخذ تمام دية كاملة ألف دينار هذا إذا كانت ، قد ذهبت بآفة من الله تعالى ، فان كانت قد قلعت عينه ، فأخذ ديتها أو استحقها ولم يأخذها ففي العين الأخرى نصف الدية فحسب.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، والأعور إذا فقأ عين صحيح ، قلعت عينه وان عمى فان الحق أعماه فإن قلعت عيناه كان مخيّرا بين ان يأخذ الدية كاملة ، أو يقلع إحدى عيني صاحبه ، ويأخذ نصف الدية (٢).
وما اخترناه نحن أولا هو اختياره في مسائل خلافه (٣) ، فإنه رجع عما ذكره في نهايته ، وهو الذي يقتضيه الأدلة ، ويحكم بصحته ظاهر التنزيل ، لان الله تعالى قال « الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ » (٤) ولم يقل العين بالعين ونصف الدية ، ولأن الأصل براءة الذمة ، فمن شغلها بنصف الدية ، يحتاج الى دليل.
وفي العين القائمة إذا خسف بها ثلث ديتها صحيحة ، وكذلك في العين العوراء التي أخذت ديتها ، أو استحقها صاحبها ، ولم يأخذها ثلث ديتها صحيحة على ما بيّناه أولا ، وحررناه.
وشيخنا أبو جعفر في نهايته ، فرّق بينهما ، بان قال إذا قلع العين العوراء التي أخذت ديتها ، أو استحقت الدية ولم تؤخذ نصف الدية يعنى ديتها ، فان خسف بها ، ولم يقلعها ، ثلث ديتها (٥).
__________________
(١) و (٢) النهاية ، كتاب الديات ، باب ديات الأعضاء والجوارح.
(٣) الخلاف ، كتاب الديات ٥٨.
(٤) سورة المائدة ، الآية ٤٥.
(٥) النهاية ، لم نتحققها فيها.