وقد روى ان من ضرب امرأة مستقيمة الحيض على بطنها ، فارتفع حيضها ، فإنه ينتظر بها سنة ، فان رجع طمثها الى ما كان ، والا استحلفت ، وغرم ضاربها ، ثلث ديتها.
ومن قطع أنف إنسان وأذنيه ، وقلع عينيه ، ثم قتله ، اقتص منه أولا ، ثم يقاد به ، سواء فرق ذلك به في ضربات أو كان قد ضربه ضربة واحدة ، فحنت الضربة هذه الجنايات.
قال بعض أصحابنا اقتص منه أوّلا ، ثم يقاد به إذا كان قد فرّق ذلك به وان كان قد ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة هذه الجنايات وأدت إلى القتل ، لم يكن عليه أكثر من القود ، أو الدية ، وهذا قول شيخنا أبي جعفر في نهايته (١).
وما اخترناه اختياره في مسائل خلافه (٢) ، ومبسوطة (٣) ، وهو الأظهر ، والأصح عند محصلي أصحابنا ، ويعضده ظاهر التنزيل ، وهو قوله تعالى « فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ » (٤) ـ وقوله تعالى « وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ » (٥) لانه لا يدخل قصاص الطرف ، في قصاص النفس ، ويدخل دية الطرف ، في دية النفس ، فهذا الفرق بين الموضعين.
ومن ضرب إنسانا على رأسه ، فذهب عقله ، انتظر به سنة ، فان مات فيما بينه وبين سنة من ألم الضربة قيد به ، وان لم يمت ولم يرجع اليه عقله ، كان عليه جميع الدية ، فإن رجع عليه عقله ، كان عليه أرش الضربة.
فإن أصابه مع ذهاب العقل ، اما موضحة ، أو مأمومة ، أو غيرهما من الجراحات ، لم يكن فيه أكثر من الدية ، إذا مات من الضّرب.
ومن قطع يمين رجل قطعت يمينه بها ، فان لم يكن له يمين وكان له يسار ، قطعت
__________________
(١) النهاية ، كتاب الديات ، باب ديات الأعضاء والجوارح .. وفي المصدر فجنت عليه الضربة.
(٢) الخلاف ، كتاب الجنايات ، مسألة ٨٩ ، الا انه مخالف مع المسألة ٢٣ ، والعبارة هكذا ، يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس .. فراجع.
(٣) المبسوط ، ج ٧ ، كتاب الجراح ، ص ١١٣.
(٤) سورة البقرة ، الآية ١٩٤.
(٥) سورة المائدة ، الآية ٤٥.