الباء وهي اما حقيقة البيعة ، التي كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله من المصافحة ، وبعده الى أيّام الحجاج ، أو ما حدث في أيّام الحجاج ، من اليمين بالطلاق والعتق وغير ذلك ، سواء صرّح بذلك أو نواه ، وعلى كل حال فلا يظن ظانّ انّها بكسر الباء ، وانها بيعة النصارى ، وانما يشتبه ذلك على كثير من النّاس ، لانضمام الكنيسة إليها ، وذلك غلط ووهم عظيم.
فاما الكنيسة لم يوردها أحد من أصحابنا في كتاب له ، ولا ورد بذلك خبر في كتب الاخبار ، وشيخنا مصنف النهاية لم يوردها في غير النهاية من سائر كتبه ، لا كتبه الأخباريّة ولا غيرها ، ولا أدرى الى اى شيء انسب ذلك ، لانه لا ايمان للبيعة والكنيسة ، ولا فيهما ايمان يحلف بها.
وقال رحمهالله في مسائل خلافه في الجزء الثالث ، في آخر كتاب النذور ، مسألة إذا قال أيمان البيعة لازمة لي ، أو حلف بإيمان البيعة لا دخلت الدّار ، لم يلزمه شيئا ، ولم يكن يمينا ، سواء عنى بذلك حقيقة البيعة التي كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله من المصافحة ، وبعده الى أيام الحجاج ، أو ما حدث في أيام الحجاج من اليمين بالطلاق والعتق وغير ذلك ، سواء صرّح بذلك أو نواه وعلى كل حال ، وقال الشّافعي ان لم ينو شيئا كان لاغيا ، وان نوى ايمان الحجاج ، ونطق فقال أيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتقها ، انعقدت يمينه ، لانه حلف بالطلاق ، فان لم ينطق بذلك ، ونوى الطلاق والعتق ، انعقدت يمينه أيضا ، لأنّها كناية عن الطلاق والعتق ، دليلنا ان الأصل براءة الذمة ، وانعقاد ذلك يحتاج الى دليل ، وعليه إجماع الفرقة ، فإنهم مجمعون على ان اليمين بالطلاق والعتاق باطلة ، فهذا لو كان صريحا بها لبطل بما قلناه هذا آخر كلامه رحمهالله (١). فدل ذلك انّه ما أراد في نهايته بيعة النصارى ، وفي نهايته أورد الكنيسة.
إذا حلف والله لا أكلت طيبا ، ولا لبست ناعما ، كانت هذه يمين مكروهة (٢) ، والمقام عليها مكروه ، وحلها طاعة ، لقوله تعالى « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
__________________
(١) الخلاف ، كتاب النذور ، مسألة ١٩.
(٢) ج. ل. يمينا مكروهة.