فقد أحسن المكفّر له ، وأجر بالشهادة بترك الايمان.
وإذا واجه إنسان غيره بكلام يحتمل السب له ، ويحتمل غيره من المعاني والأغراض ، كان عليه الأدب بذلك ، الّا ان يعفو عنه الإنسان المخاطب ، كما قدمناه.
ومن عيّر إنسانا بشيء من بلاء الله ، وأظهر عنه ما هو مستور من البلايا والأمراض ، وجب عليه بذلك التأديب ، وان كان محقا فيما قال ، لاذاه وإيلامه المسلمين بما يشق عليهم ويؤلمهم من الكلام ، فان كان المعيّر بذلك ضالا كافرا مخالفا لأهل الايمان ، لم يستحق المعيّر له بذلك أدبا ولا عقوبة على كل حال.
وكل شيء يؤذي المسلمين من الكلام ، دون القذف بالزنا واللواط ، ففيه التعزير على ما يراه سلطان الإسلام ، أو المنصوب من قبل السلطان.
وقد روى ان رجلا قال لآخر أني احتلمت البارحة في منامي بأمك ، فاستعدى عليه الى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وطلب اقامة الحد عليه ، فقال له أمير المؤمنين ان شئت ضربت لك ظله ، ولكني أحسن أدبه ، لئلا يعود بعدها إلى أذى المسلمين ، ثم أوجعه ضربا على سبيل التعزير (١).
ولم يرد أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله ان شئت ضربت لك ظله ، ان ضرب الظل واجب ، أو شيء ينتفع به ، وانما أراد أن الحلم لا يجب به حد وحلم النائم في البطلان ، كضرب الظل الذي لا يصل ألمه إلى الإنسان ، فنبهه عليهالسلام على تجاهله بالتماس الحدود على الحلم في المنام ، وضرب له في فهم ما أراد تفهيمه إياه هذا المثال.
وإذا قذف ذمي ذميّا بالزنا واللواط ، وترافعا الى سلطان الإسلام ، أدّب القاذف ، ولم يجلده كحد قاذف أهل الإسلام.
فإن تسابّ أهل الذمة بما سوى القذف بالزنا واللواط بما يوجب فعله الحدود ، ادّبوا على ذلك كما يؤدّب أهل الإسلام ، فإن تسابوا بالكفر والضلال ، أو تنابزوا
__________________
(١) الوسائل ، الباب ٢٤ ، من أبواب حد القذف ، ح ١ ـ ٢.