الماضيين ، إذ كان الحكم في المجلس الثاني بالإقرار الحاصل في المجلس الأوّل ، أو البيّنة مستندا الى العلم ، وإذا لم تمنع التهمة هاهنا من الحكم بالعلم ، فكذلك هناك.
وبعد فحسن الظن بالحاكم المتكامل للشروط ، يقتضي البخوع لحكمه بالعلم ، ويمنع من تهمته كالإقرار والبيّنة ، لو لا ذلك لم يستقر له حكم ، ولم يسمع قوله أقر عندي بكذا ، وقامت البيّنة بكذا ، وثبت عندي بكذا ، وصح عندي الّا ان يكون حصول الإقرار أو البيّنة بمحضر من لا يجوز عليه الكذب ، وهذا يقتضي نقض نظام الاحكام بغير اشكال ، وإذا كان علمه بكون المدعى عليه مقرا أو مشهودا عليه ، أو له ، أو حالفا أو محلوفا له موجبا عليه الحكم ، وان لم يعلم ذلك أحد سواه ، ولا يحلّ له الامتناع لخوف التهمة ، فكذلك يجب ان يحكم متى علم صدق المدعى أو المنكر بأحد أسباب العلم ، من مشاهدة ، أو تواتر ، أو نصّ صادق ، أو ثبوت امامة ، أو نبوة ، الى غير ذلك من طرق العلم ، لعدم الفرق ، بل ما نوزعنا فيه أولى.
فإن قيل لو شاهد الإمام أو الحاكم رجلا يزني أو يلوط ، أو سمعه يقذف غيره ، أو يقر بطلاق زوجته ، أو يظاهر منها ، أو يعتق عبده ، أو يبيع غيره شيئا ، كان يحكم بعلمه أم يبطل ذلك؟
قيل ان كان ما علمه الإمام أو الحاكم عقدا ، أو إيقاعا شرعيّا ، حكم بعلمه ، وان كان بخلاف ذلك ، لاختلال بعض الشروط كعلمه بغيره ناطقا بكنايات الطلاق ، أو صريحة في الحيض ، أو بغير شهادة ، أو بغير شهادة ، أو إظهار بغير لفظه ، أو بغير إشهاد عليه ، أو قصد إليه ، الى غير ذلك ، لم يحكم لفقد ما معه يصح الحكم ، من صحة العقد أو الإيقاع.
فأما ما يوجب الحدود ، فالصحيح من أقوال طائفتنا ، وذوي التحصيل من فقهاء عصابتنا ، لا يفرقون بين الحدود وبين غيرها من الاحكام الشرعيات ، في ان للحاكم النائب من قبل الامام ان يحكم فيها بعلمه كما ان للإمام ذلك ، مثل ما سلف في الاحكام التي هي غير الحدود ، لأنّ جميع ما دلّ هناك ، هو الدليل هاهنا ، وللفرق بين الأمرين مخالف مناقض في الأدلة.