وقال شيخنا في نهايته : النذر هو ان يقول الإنسان إن كان كذا وكذا فلله علىّ كذا وكذا ، من صيام أو صدقة أو حج أو صلاة أو غير ذلك من أفعال البر ، فمتى كان ما نذر وحصل وجب عليه الوفاء بما نذر فيه (١).
فذكر رحمهالله النذر المشروط في هذا الكتاب ، اعنى كتاب النهاية ، ولم يذكر المطلق من النذر.
الّا انّه في مسائل خلافه يذهب إلى أنه ينعقد ، سواء كان مشروطا أو مطلقا ، ويناظر على ذلك ويستدلّ على صحته (٢) وهو الّذي اخترناه نحن ، لان العمل عليه ، وظاهر القرآن والسّنة يتناوله ، ولا يلتفت الى قول غلام ثعلب الذي يرويه عن ثعلب « من أن النّذر عند العرب وعيد بشرط » لأنّ في عرف الشرع صار متناولا للشّرط وغير الشّرط ، وعرف الشّرع هو الطاري وكالناقل.
ثمّ قال « رحمهالله » في نهايته : فان قال : ان كان كذا ، ولم يقل : لله ، لم يكن ذلك نذرا واجبا ، بل يكون مخيّرا في الوفاء به وتركه ، والأفضل له الوفاء به ، على كل حال ، ومتى اعتقد انّه متى كان شيء فلله عليه كذا وكذا ، وجب عليه الوفاء به عند حصول ذلك الشّيء ، وجرى ذلك مجرى أن يقول لله علىّ كذا وكذا ، فان جعل في اعتقاده متى كان شيء كان عليه كذا ، ولم يعتقد لله ، كان مخيّرا في ذلك حسب ما قدمناه في القول « هذا آخر كلامه رحمهالله في نهايته » (٣).
وقد قلنا ما عندنا في ذلك : من أنه لا ينعقد الّا ان يتلفظ به وينطق ، مع النيّة أيضا ، ولا يجزى أحدهما عن الآخر ، لأنّ هذا مجمع على انعقاد النذر به ، وليس على انعقاده بغير ذلك دليل ، لأنّ النذر حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، وأيضا فلا يتعلق الاحكام في معظم الشرعيّات الّا بما ينطق المكلّف به ويتلفظ بذلك لسانه ، حتى يحكم عليه به ، من بيع أو طلاق أو هبة أو صدقة أو إقرار وغير ذلك.
__________________
(١) النهاية ، كتاب الايمان والنذور ، باب ماهيّة النذور والعهود.
(٢) الخلاف ، كتاب النذور ، مسألة ١.
(٣) النهاية ، كتاب الايمان والنذور ، باب ماهيّة النذور والعهود.